يقول الحق جلّ جلاله: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ من قبل القرآن هُمْ بِهِ أي: القرآن يُؤْمِنُونَ، وهم مؤمنو أهلِ الكتاب، أو: النجاشي وقومه، أو: نصارى نجران، الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، وهم عشرون رجلاً، فآمنوا به. قال ابن عطية: ذكر هؤلاء مُبَاهياً بهم قريشاً. هـ. أي: فهم الذين يُقدرون قدر هذا الكتاب المنزل لِمَا معهم من العلم الذي ميزوا به الحق، ولذلك قال: وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا لِمَا عرفوا في كتابهم من نعت النبي صلى الله عليه وسلم وكتابه، إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ من قبل القرآن، أو: من قبل محمد صلى الله عليه وسلم، مُسْلِمِينَ كائنين على دين الإسلام، مومنين بمحمد صلى الله عليه وسلم. فقوله: إِنَّهُ: تعليل للإيمان به لأن كَوْنَهُ حقاً من عند الله حقيق بأن يُؤْمَنَ به. وقوله: إِنَّا: بيان لقوله: آمَنَّا لأنه يحتمل أن يكون إيماناً قريب العهد أو بعيده، فأخبروه بأن إيمانهم به متقادم.
أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا بصبرهم على الإيمان بالتوراة، والإيمان بالقرآن، أو: بصبرهم على الإيمان بالقرآن، قبل نزوله وبعده، أو: بصبرهم على أذى المشركين وأهل الكتاب. وفي الحديث: «ثلاثةٌ
(١) أخرجه البخاري فى (العلم، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة.. ح ٦٨) ، ومسلم فى (صفات المنافقين، باب الاقتصاد فى الموعظة، ٤/ ٢١٧٢، ح ٢٨٢١) من حديث سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.