بعض الأخبار:«من تتبع عورة أخيه المؤمن تتبَّع الله عورته حتى يفضحه، ولو في جوف بيته» . ومن اشتغل بإذاية الأولياء، ولم يتب، مات على سوء الخاتمة، وذلك جزاء من حارب الله- والعياذ بالله-.
قلت:(خلافَ رسول الله) : منصوب على الظرفية، أي: بعده، يقال: أقام خلاف الحي، أي: بعدهم، وقيل:
مصدر خالف، فيكون مفعولاً لأجله، أو حال.
يقول الحق جلّ جلاله: فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ أي: الذين خلفهم الله عن الغزو، وأقعدهم عنه، ولذلك عبَّر بالمخلفين دون المتخلفين، فرحوا بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ أي: بعده في غزوة تبوك، وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إيثاراً للراحة والدّعَةِ على طاعة الله ورسوله. وفيه تعريض بالمؤمنين الذين آثروا عليها تحصيل رضاه ببذل الأموال والمهج، وأما المنافقون فآثروا الراحة وقعدوا، وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ، قاله بعضهم لبعض، أو قالوه للمؤمنين تثبيطاً لهم. قال ابن جزي: قائل هذه المقالة رجل من بني سليم، ممن صعب عليه السفر إلى تبوك في الحر. هـ. قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا، وقد آثرتموها بهذه المخالفة، لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ أن مآلهم إليها، أو كيف هى؟ ... ما اختاروها بإيثار الدعة على الطاعة.
فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ، وهو إخبار عما يئول إليه حالهم في الدنيا والآخرة، أي: سيضحكون قليلاً، ويبكون كثيراً لما يرون من سوء العاقبة، وأتى به على صيغة الأمر للدلالة على أنه حَتمٌ واجب وقوعه. قال ابن جزي: أمرٌ بمعنى الخبر، فضحكهم القليل في الدنيا مدة بقائهم فيها،