والحاصل: أن البينة أمر باطني، وهي: المعرفة، إما بالبرهان، أو بالعيان، والشاهد الذي يتلو هو العلم الظاهر، فيتفق ما أدركه العقل أو الذوق مع ما أفاده النقل، فتتفق الحقيقة مع الشريعة. كلِّ في محله، الباطن منور بالحقائق، والظاهر مُؤيد بالشرائع. وهذا غاية المطلوب والمرغوب. رزقنا الله من ذلك الحظ الأوفر بمنه وكرمه.
يقول الحق جلّ جلاله: وَمَنْ أَظْلَمُ أي: لا أحد أظلمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً بأن أسند إليه مالم يقله، وكذب بما أنزله، أو نسب لله ما لا يليق بجلاله. أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ يوم القيامة، بأن يحبسوا فى الموقف، وتعرض عليهم أعمالهم على رؤوس الأشهاد، وَيَقُولُ الْأَشْهادُ من الملائكة والنبيين، أو كل من شهد الموقف: هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ وهو تهويل عظيم لما يحيق بهم حينئذٍ، لظلمهم بالكذب على الله، ورد الناسَ عن طريق الله.
الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ عن دينه، وَيَبْغُونَها عِوَجاً يصفونها بالانحراف عن الحق والصواب.
أو يبغون أهلها أن يعوجوا عنها بالردة والكفر، أو يطلبون اعوجاجها بالطعن فيها. وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ أي:
والحال أنهم كافرون بالبعث. وتكرير الضمير لتأكيد كفرهم واختصاصهم به.