مَرَّتان) فإمساكُ لها بمعروف بأن يواسي بها من يحتاج إليها، أو تسريح لها من يده بإحسان من الله إليه، حتى يدخله في مقام الإحسان، فإن طلقها مرة ثالثة فلا تحل له أبداً حتى يأخذها من يد الله بالله، بعد أن كان يأخذها بنفسه، فكأنه أخذها بعصمة جديدة، فإن تمكن من الفناء والبقاء، فلا جُناح عليه أن يرجع إليها غنيّاً بالله عنها.
والله تعالى أعلم.
ثم نهى الحقّ تعالى عن إمساك الزوجة، إضراراً، كما كانت تفعل الجاهلية، فقال:
نزلت في رجل قال لامرأته: لا آويك، ولا أدعك تحلِّين لغيري. فقالت: كيف؟ فقال: أطلقك، فإذا دنا مُضِيُّ عِدَّتِك راجعتك، فَشَكَتْ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية. وكان بعضهم يطلق، ويعتق، ثم يرجع، ويقول: كُنت أهزأ بذلك وألعب، فنزل قوله تعالى: وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً أي: مهزوءاً بها، وفي الحديث:«ثَلاَثٌ هزْلُهُنَّ جدٌ: النّكَاحُ، والطَّلاقُ، والرَّجْعَةُ» . وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ بالهداية وبعثة الرسول، وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ فيه ما تحتاجون إليه ظاهراً وباطناً، وَالْحِكْمَةِ أي: السنة المطهرة، يَعِظُكُمْ بذلك ويزكيكم، وَاتَّقُوا اللَّهَ فيما يأمركم به، وينهاكم عنه، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ.