وكانوا يستهزؤون بأمر الوحي والدين، فقال تعالى لنبيه- عليه الصلاة والسلام: قُلِ لهم: اسْتَهْزِؤُا تهديداً لهم، إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ من إنزال السورة فيكم، أو ما تحذرون من إظهار مساوئكم وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ عن استهزائهم، لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ فيما بيننا. رُوي أن ركباً من المنافقين مروا على رسول الله صلى الله عليه وسلّم، في غزوة تبوك، فقالوا: انظروا إلى هذا الرجل، يريد أن يفتح قصور الشام وحصونه، هيهات هيهات!! فأخبر الله نبيه، فدعاهم فقال:«قلتم: كذا وكذا؟» فقالوا: لا، والله، ما كنا في شيء من أمرك، ولا من أمر أصحابك، ولكنا كنا في شيء مما يخوض فيه الركب، ليقصر بعضنا على بعض السفر «١» .
قال تعالى: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ، توبيخاً لهم على استهزائهم بما لا يصح الاستهزاء به، لا تَعْتَذِرُوا أي: لا تشتغلوا باعتذاراتكم الكاذبة قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ أي: قد أظهرتم الكفر بإيذاء الرسول والطعن عليه، بعد إظهار إيمانكم الكاذب. إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ بتوبتهم وإخلاصهم، حيث سبق لهم ذلك كانَ منهم رجل اسمه مَخشِيّ، تاب ومات شهيداً. أو لكفهم عن الإيذاء، نُعَذِّبْ طائِفَةً بِأَنَّهُمْ كانُوا في علم الله مُجْرِمِينَ مُصرين على النفاق، أو مستمرين على الإيذاء والاستهزاء. والله تعالى أعلم.
الإشارة: الاستهزاء بالأولياء والطعن عليهم من أسباب المقت والبعد من الله، والإصرار على ذلك شؤمه سوء الخاتمة، وترى بعض الطاعنين عليهم يحذر منهم أن يكاشفوا بأسرارهم، وقد يُطلع الله أولياءه على ذلك، وقد لا يطلعهم، وبعد أن يطلعهم على ذلك لا يواجهوهُم بكشف أسرارهم لتخلقهم بالرحمة الإلهية. والله تعالى أعلم.
ومن مساوئ المنافقين أيضا: أمرهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف، كما قال تعالى: