يقول الحق جلّ جلاله: وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ مدينة ثمود، وهي الحجر، تِسْعَةُ رَهْطٍ أي:
أشخاص، وهو جمع لا واحد له، فلذا جاز تمييز التسعة به، فكأنه قيل: تسعة أنفس، وهو من الثلاثة إلى العشرة، وكان رئيسهم «قدار بن سالف» وهم الذين سعوا في عقر الناقة، وكانوا أبناءَ أشرافهم ومن عتاتهم، يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أي: في المدينة، إفساداً لا يخالطه شيء من الصلاح أصلاً، وَلا يُصْلِحُونَ يعني: إن شأنهم الإفساد المحض، الذي لا صلاح معه. وعن الحسن: يظلمون الناس، ولا يمنعون الظالمين عن الظلم. وعن ابن عطاء: يتبعون معايب الناس، ولا يسترون عوراتهم.
قالُوا تَقاسَمُوا بِاللَّهِ: استئناف لبيان بعض فسادهم. و (تقاسموا) : إما أمر مقول لقالوا، أي: تحالفوا أمر بعضهم بعضاً بالقسم على قتله. وإما خبر حال، أي: قالوا متقاسمين. لَنُبَيِّتَنَّهُ: لنقتلنه بياتاً، أي: ليلاً، وَأَهْلَهُ: ولده ونساءه، ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ أي: لوليّ دمه: ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ أي: ما حضرنا هلاكهم، أو: وقت هلاكهم. أو: مكانه فضلاً أن نتولى إهلاكهم، وَإِنَّا لَصادِقُونَ فيما ذكرناه. وهو إما من تمام المقول، أو: حال، أي: نقول ما نقول والحال أنا صادقون في ذلك لأن الشاهد للشيء غير المباشر له عرفاً. ولأنا ما شهدنا مهلك أهله وحده، بل مهلكه ومهلككم جميعاً، كقولك: ما رأيت ثمَّ رجلاً، أي: بل رجلين. ولعل تحرجهم من الكذب في الأَيْمان مع كفرهم لِما تعودوا من تعجيل العقوبة للكاذب في القسامة، كما كان أهل الشرك مع البيت الحرام في الجاهلية. وكان تقاسمهم بعد أن أنذرهم بالعذاب، وبعد قوله: تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ «١» .