الداخل على الله منكور، والراجع إلى الناس مبرور، وهذا هو الغالب، والنادر لا حكم له، فلو كان الاتفاق محموداً لكان على الأنبياء أولى، فلما لم يقع للأنبياء والرسل، لم يقع للأولياء إذ هم على قدمهم، وقائمون بالوراثة الكاملة عنهم. والله تعالى أعلم.
ثم حضّ على الصدقة فى سبيل الله لأنها برهان الإيمان وعنوان الهداية، فقال:
يقول الحق جلّ جلاله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ واجباً أو تطوعاً في وجوه الخير، وخصوصاً في الجهاد الذي نحن بصدد الحضّ عليه، وقدموا لأنفسكم ما تجدونه بعد موتكم مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ الحساب، واقتضاء الثواب، يوم ليس فيه بَيْعٌ ولا شراء، فيكتسب ما يقع به الفداء، وليس فيه خُلَّةٌ تنفعُ إلا خلة الأتقياء، وَلا شَفاعَةٌ ترجى إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا فأنفقوا مما خولناكم في سبيل الله، وجاهدوا الكافرين أعداء الله، فإن الكافرين هُمُ الظَّالِمُونَ حيث وضعوا عبادتهم في غير محلها، ونسبوا الربوبية لغير مستحقيها، إذ لا يستحقها إلا الحي القيوم، الذي أشار إليه الحق جلّ جلاله:
قلت:(الله) : مبتدأ، وجملة (لاَ إله إِلاَّ هُوَ) : خبره، والضمير المنفصل بدل من المستتر في الخبر، و (الحي) : إما خبر ثان، أو لمبتدأ مضمر، أو بدل من (الله) ، و (قيوم) فَيْعُول، مبالغة من القيام، ومعناه: القائم بنفسه المستغني عن غيره.