أصابهم، حين طلعت خيل فرعون عليهم، أو: من سلطان فرعون وقومه وعنتهم. وَنَصَرْناهُمْ أي: موسى وهارون وقومهما، فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ على فرعون وقومه. وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ البليغ في بيانه، وهو التوراة، وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صراط أهل الإسلام، وهو الطريق الذي يُوصل إلى الحق، وَتَرَكْنا عَلَيْهِما الثناء الحسن فِي الْآخِرِينَ الآيتين بعدهما، سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ، إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ، إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ الكاملين في الإيمان.
الإشارة: منّ عليهما أولاً بالخصوصية، ثم امتحنهما عليها بالكرب العظيم، كما هي عادته في أهل الخصوصية، ثم مَنَّ عليهم بالفرج والنصر والعز، ثم هداهما إلى طريق السير إليه، في الظاهر والباطن، بإنزال الكتاب، وبيان طريق الرشد والصواب، فالطريق المستقيم هي طريق الوصول إلى الحضرة، وشهود عين التوحيد الخاص، ثم ينشر الصيت والذكر الحسن في الحياة والممات. والله تعالى أعلم.
يقول الحق جلّ جلاله: وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، وهو إلياس بن ياسين بن العيزار، من سبط هارون عليه السلام. قال ابن إسحاق: لَمَّا قبض الله حزقيل النبي، عظمت الأحداث في بني إسرائيل، ونسوا عهد الله، وعبدوا الأوثان، فبعث الله إلياس «١» ، وبنو إسرائيل حينئذ متفرقون في أرض الشام، وفيهم ملوك كثيرة. وذلك أن يوشع لمَّا فتح الشام بعد موسى عليه السلام وملكها، بوّأها بني إسرائيل، وقسمها بينهم، وأحلّ سبطاً منهم ببعلبك ونواحيها. ومنهم السبط الذي نشأ منهم إلياس. انظر الثعلبي. وقيل: إلياس هو إدريس. وقرأ ابن مسعود- رضى الله عنه-: «وإن إدريس» موضع إلياس. والمشهور ما تقدم.
(١) أخرجه الطبري (٢٣/ ٩٢) عن ابن إسحاق، عن وهب بن منبه.