يقول الحق جلّ جلاله: وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ بالهداية والعز والنصر، وَاذكروا مِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ حين بايعتم نبيه في بيعة العقبة وبيعة الرضوان على الجهاد وإظهار الدين، وعلى السمع والطاعة فى المنشط والمكره، حين قُلْتُمْ له: سَمِعْنا وَأَطَعْنا فيما تأمرنا به في عسرنا ويسرنا، فى منشطنا ومكر هنا، وَاتَّقُوا اللَّهَ في نقض العهود، إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ أي: خفياتها، فيجازيكم عليها، فضلاً عن جليات أعمالكم، والمقصود: الترغيب في الجهاد الذي هو من كمال الدين.
الإشارة: يقال للفقراء الذين مَنَّ اللهُ عليهم بصُحبة شيوخ التربية، وأخذوا عنهم العهد ألا يخالفوهم: اذكروا نعمةَ الله عليكم، حيث يسَّر لكم من يُسَيّركم إلى حضرة ربكم، ويعرفكم به، وغيركم يقول: إنه معدوم، أو خفي لا يعرفه أحد، وهذا الكنز الذي سقطتم عليه، قلَّ من وجده، واذكروا أيضًا ميثاقه الذي واثقه عليكم ألا تخالفوهم، ولو أدى الأمر إلى حتف أنفكم.
كان شيخ شيوخنا- سيدي العربي بن عبد الله، يقول: الفقير الصادق، هو الذي إذا قال له شيخه: ادخل في عين الإبرة، يقوم مبادرًا يُحاول ذلك، ولا يتردد. وقال أيضًا:(صاحبي هو الذي نقتله بشعرة) ، وقد تقرر أن من قال لشيخه: لِمَ، لا يفلح، وهذا أمر مقرر في علم التربية كما في قضية الخضر مع سيدنا موسى- عليه السلام-.
واتقوا الله في اعتقاد مخالفتهم سرًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ فإن الاعتراض سرًا أقبح لانه خيانة، فليبادر المريد بالتوبة منه ويغسله من قلبه. والله تعالى أعلم.