للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإشارة: كل من دخل بحر التوحيد علماً- وهو فرعون برؤية نفسه-، ولم يصحب من يغيبُه عنها غَرِقَ في بحر الزندقة والدعوى، فإن رجع إلى الإيمان بعد معاينة الهلاك بسيف الشريعة قيل له: الآن وقد عصيت قبلُ وكنتَ من المفسدين؟ فإن تاب حقيقة رجى له النجاة، وإن قتل كان آية ونكالاً لمن خلفه.

والله تعالى أعلم.

ثم ذكّر بنى إسرائيل بما أنعم عليهم، فقال:

[[سورة يونس (١٠) : آية ٩٣]]

وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٩٣)

قلت: (مُبوَّأ) : ظرف بمعنى منزل يقول الحق جلّ جلاله: وَلَقَدْ بَوَّأْنا أي: أنزلنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ أي: منزل صدق، أي:

منزلاً صالحاً مرضياً يصدق فيه ظن قاصده وساكنه، فما ظن فيه من الكمالات وجدها صدقاً وحقاً، والمراد به: الشام وقراها، وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ من اللذائذ، وكانوا متفقين على دينهم، وعلى ظهور دين الإسلام، فَمَا اخْتَلَفُوا في أمر دينهم حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ بأن قرؤوا التوراة وعلموا أحكامها، ثم طغوا وعصوا، أو في أمر محمد صلى الله عليه وسلّم إلا من بعد ما علموا صدقه بنعوته وتظاهر معجزاته، إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، فيميز المحقَّ من المبطل بالإنجاء والإهلاك.

الإشارة: قد يمد الله عباده بأنواع النعم، ثم يبعث لهم من يذكرهم بأيام الله، ويعرفهم به، فإذا اختلفوا عليه ظهر الشاكر من غيره، فيغير عليهم تلك النعم، فيوصل إليه أهل التصديق والاستماع والاتباع، ويبعد أهل الإنكار والابتداع. وبالله التوفيق.

ثم أمر بالسؤال لأهل العلم لمن وقعت له شبهة، فقال:

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٩٤ الى ٩٥]

فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ (٩٤) وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ (٩٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>