قلت:(أوَ عَجبتم) : الهمزة للإنكار، والواو للعطف، والمعطوف عليه محذوف، أي: أكذبتم وعجبتم، و (في الفلك) : يتعلق بأنجينا، أو بمن معه، أو حال من الموصول.
يقول الحق جلّ جلاله: لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ، وهو نوح بن لمك بن متوشلخ بن أدريس، نبىء بعده «١» ، بعث وهو ابن خمسين سنة أو أربعين، وعاش ألفًا وثلاثمائة سنة، فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وحده ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ يستحق أن يُعبد، إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ، إن لم تُؤمنوا وتُوحدوا الله عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ وهو يوم القيامة، أو يوم نزول الطوفان.
قالَ الْمَلَأُ أي: الأشراف مِنْ قَوْمِهِ لأنهم يملأون العيون عند رؤيتهم، قالوا له: إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ أي: في خطأ بيِّن عن الحق، قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ أي: ليس بي شيء من الضلال، بالغ لهم في النفي كما بالغوا له في الإثبات، وعرض لهم به، وتلطف لهم في القول، وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أي: لست في ضلال كما اعتقدتم، ولكني في غاية من الهدى لأني رسول من رب العالمين، أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي كما أمرني، وَأَنْصَحُ لَكُمْ جُهدي، وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ من صفاته الجلالية والجمالية ومن رحمته وعذابه، أو من قدرته وشدة بطشه، أو أعلم من جهة وحيه أشياء لا علم لكم بها، وجمع الرسالات لاختلاف أوقاتها، أو لتنوع معانيها، كعلم العقائد والمواعظ والأحكام.