للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقبولين والمردودين. هـ. وقوله: أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا ... إلى قوله: عَمَّا يُشْرِكُونَ هذه صفة أهل الانتقاد على أهل الخصوصية في كل زمان، وهي تدلّ على غاية حمقهم وسفههم، نجانا الله من جميع ذلك.

ثم هددهم بعد تبيين عنادهم، فقال:

[سورة الطور (٥٢) : الآيات ٤٤ الى ٤٧]

وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ (٤٤) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥) يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٦) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٤٧)

يقول الحق جلّ جلاله: وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً قطعة مِنَ السَّماءِ ساقِطاً عليهم لتعذيبهم، يَقُولُوا من فرط طغيانهم وعنادهم: هذا سَحابٌ مَرْكُومٌ أي: تَرَاكَم بعضها على بعض لمطرنا، ولم يُصدقوا أنه ساقط عليهم لعذابهم، يعني: أنهم بلغوا من الطغيان بحيث لو أسقطناه عليهم حسبما قالوا: أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً «١» لعاندوا وقالوا سحاب مركوم. فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ «٢» ، وهو اليوم الذي صُعقوا فيه بالقتل يوم بدر، لا عند النفخة الأولى، كما قيل إذ لا يصعق بها إلا من كان حيا حينئذ «٣» . وقرأ عاصم والشامي بضم الياء، يقال: صعقه، فصُعق، أو: من أصعقه.

يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً من الإغناء، بدل من «يومهم» ولا يخفى أن التعرُّض لبيان عدم نفع كيدهم يستدعي استعمالهم له في الانتفاع به، وليس ذلك إلا ما دبّروه في أمره صلّى الله عليه وسلم من الكيد يوم بدر، من


(١) من الآية ٩٢ من سورة الإسراء. [.....]
(٢) قرأ عاصم وابن عامر «يصعقون» بضم الياء، مبنيا للمفعول. وقرأ الباقون بفتحها، مبنيا للفاعل. انظر الإتحاف (٢/ ٤٩٨) .
(٣) على هامش النّسخة الأم مايلى:
هذا باطل بداهة، بل المراد به عند النّفخة، كما فى آية المعارج: ... حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ، يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ ... الآية: ٤٢- ٤٣. وقوله: لا يصعق بها إلا مَن كان حيّاً حينئذ، أبطل من الذي قبله، فإن الله تعالى يقول: فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ ... ومن فى الأرض عام، بدليل الحديث المخرّج فى الصحيح: «يصعق النّاس فأكون أول من أفاق، فإذا موسى باطش بالعرش، فلا أدرى أكان ممن صعق فأفاق قبلى، أو كان ممن استثنى الله، فصرح صلّى الله عليه وسلم النبي بأن جميع الخلق يصعقون، فمن أين جاء هذا الوهم فى تخصيص ذلك بالأحياء، بل قوله تعالى: فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ نص فى ذلك أيضا لأن الضمير عائد على مَن في السموات ومَن فى الأرض. وأيضا: فإن يوم بدر لم يكن فيه صعق، وإنما كان فيه قتل، وليس هو بصعق. ثم إن الله يخاطب كفار قريش كلهم، ولم يمت منهم يوم بدر إلا سبعون ... هـ.
قلت: حديث الصعق الذي ذكره المحشى، أخرجه البخاري فى (الرقاق، باب نفخ الصعق ح ٦٥١٧) ومسلم فى (الفضائل، باب من فضائل موسى، رقم ٢٣٧٣، ح ١٦٠) من حديث أبى هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>