ثمرة المعرفة وحلاوة الشهود، رزقاً لأرواح العباد، وأحيينا به نفساً ميتة بالغفلة والجهل، كذلك الخروج من ظلمة الجهل إلى نور العلم، أي: مثل هذا الخروج البديع يكون الخروج، وإلا فلا.
يقول الحق جلّ جلاله: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ أي: قبل قريش قَوْمُ نُوحٍ نوحاً، حيث أنذرهم بالبعث، وَأَصْحابُ الرَّسِّ، قيل: هم مَن بعث إليهم شعيب عليه السلام كما مَرَّ في سورة الفرقان بيانه «١» وقيل: قوم باليمامة، وقيل: أصحاب الأخدود. والرس: بئر لم تطو، وَثَمُودُ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ، أراد بفرعون قومَه ليلائم ما قبله لأن المعطوف عليه جماعات، وَإِخْوانُ لُوطٍ، قيل: كان قومه من أصهاره عليه السلام، فسماهم إخوانه، وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ هم ممن بعث إليهم شعيب عليه السلام غير أهل مدين، وَقَوْمُ تُبَّعٍ هو ملك باليمن، دعا قومه إلى الإسلام وهم حِمير، فكذَّبوه، وسُمّي تُبعاً لكثرة تبعه.
قال ابن إسحاق: كان تُبع الآخِر هو أسعدُ بن كرْب، حين أقبل من المشرق، ومرّ على المدينة، ولم يُهِج أهلها، وخلف عندهم ابناً له، فقُتِل غيلة، فجاء مجمعاً على حربهم، وخراب المدينة، فأجمع هذا الحي من الأنصار على قتاله، وسيدهم عمرو بن طلحة، أخو بنى النجار، فتزْعُم الأنصارُ: أنهم كانوا يقاتلونه بالنهار، ويقرُّونه بالليل، فيعجبه ذلك، ويقول: إن قومنا هؤلاء لكرام، فبينما هو كذلك إذ جاءه حَبران من أحبار بني قريظة، من علماء أهل زمانهما، فقالا: أيها الملك لا تقاتلهم، فإنا لا نأمن عليك العقوبة لأنها مهاجر نبيّ يخرُج من هذا الحي، من قريش، في آخر الزمان، هي داره وقراره، فكُفّ عنهم، ثم دعواه إلى دينهما، فاتبعهما، ثم رجع إلى اليمن، فقالت له حِمير: لا تدخلها وقد فارقت ديننا، فحاكِمْنا إلى النار، وقد كانت باليمن نار أسفل جبل يتحاكمون إليها، فتأكل الظالم ولا تضر المظلوم، فخرجوا بأصنامهم، وخرج الحَبران بمصاحفهما، فأكلت النارُ الأوثانَ، وما قَرَّبوا معها، ومَن دخل ذلك من رجال حمير، وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما، يتلوان التوراة، ولم تضرهما، فأطبق