الله الحرص على الناس، أو الترغيب في اتباعهم، بل هم أزهد الناس في الناس، من أتاهم دلّوه على الله، ومن لقيهم نصحوه في الله، هم على قدَم الرسول صلّى الله عليه وسلّم وقد قال له الحقّ تعالى: أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ. لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ.، لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ، فكان صلّى الله عليه وسلّم بعد ذلك يدل على الله وينظر ما يفعل الله. وبالله التوفيق.
ثم بيَّن الحق تعالى كيفية الإيمان الذي يجب اتباعه، وأبطل ما سواه، فقال:
قلت: الأسباط: الأحفاد، والسِّبطُ في بني إسرائيل بمنزلة القبيلة في ولد إسماعيل، والباء في (بمثل) : يحتمل أن تكون زائدة كقوله تعالى: وجَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها، أو (مثل) مُقْحَم، أي: فإن آمنوا بما آمنتم به، كقوله تعالى:
وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ. والشقاق: المخالفة، كأنَّ كل واحد من المتخالفين في شق غير شق الآخر، و (صبغة الله) : مصدر مؤكد لآمنا لأن الإيمان ينصبغ في القلوب، ويظهر أثره على الجوارح ظهور الصبغ على المصبوغ، ويتداخل في قلوبهم تداخل الصبغ للثوب. أي: آمنا وصبغنا الله به صبغة.
وهي فطرةَ الله التي فطر الناس عليها، وعبَّر عنها بالصبغ للمشاكلة فإن النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمونه المعمودية، ويقولون: هو تطهير لهم، وبه تحق نصرانيتهم، فردَّ الله تعالى عليهم بأن صبغة، الله أحسن من صبغتهم وقيل: نصب على البدل من (ملة إبراهيم) ، أو على الإغراء، أي: الزموا صبغة الله.
يقول الحق جلّ جلاله: قُولُوا يا معشر المسلمين في تحقيق إيمانكم: آمَنَّا بِاللَّهِ أي: صدقنا بوجوده متصفاً بصفة الكمال، منزّهاً عن النقائص، وَبما أُنْزِلَ إِلَيْنا وهو القرآن، وَبما أُنْزِلَ من الصحف إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ولد إسحاق، وَالْأَسْباطِ أولاد يعقوب عليه السلام وهم: روبيل وشمعون ولاوى ويهوذا وربالون ويشحُرْ، ودنية بنته، وأمهم لَيَا، ثم خلف على أختها راحيل، فولدت له يوسف وبنيامين، وَوُلد له من سرِّيَّتينِ: دان ونفتالى وجاد وآشر.