قال ابن حجر: اختلف في نبوتهم، فقيل: كانوا أنبياء، وقيل: لم يكن فيهم نبيّ، وإنما المراد بالأسباط قبائل من بني إسرائيل، فقد كان فيهم من الأنبياء عدد كثير. هـ. وممن صرّح بنفي نبوتهم عياض وجمهور المفسرين.
انظر: المحشي الفاسي.
وقولوا: آمنا بما أنزل إلى مُوسى وهو التوراة، وَعِيسى وهو الإنجيل، وبما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ كلهم مِنْ رَبِّهِمْ من عرفنا منهم ومن لم نعرف، لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ واحد مِنْهُمْ كما فرقت اليهود والنصارى، فقد آمنا بالله وبجميع أنبيائه وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ أي: منقادون لأحكامه الظاهرة والباطنة.
قال الحق جلّ جلاله: فَإِنْ آمَنُوا أي: أهل الكتاب إيماناً مثل إيمانكم، فَقَدِ اهْتَدَوْا إلى الحق والصواب، وإن أعرضوا عن ذلك فاتركهم حتى نأمرك فيهم، فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ وخلاف لك، فلا تهتم بشأنهم، فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ أي سيكفيك شرهم وينصرك عليهم، وَهُوَ السَّمِيعُ لدعائكم، الْعَلِيمُ بإخلاصكم، فالزموا صِبْغَةَ اللَّهِ التي صُبغتم بها، وهى الإيمان بما ذكرت لكم فإنه لا أحسن صبغة من صبغة الله، وَقولوا: نَحْنُ لَهُ عابِدُونَ.
الإشارة: كما أوجب الله تعالى الإيمان بجميع الرسل في طريق العموم، كذلك أوجب الله التصديق بكل من ثبتت ولايته في طريق الخصوص، فمن فرق بينهم فقد كفر بطريقهم، ومن كفر بطريقهم طُرد عن بابهم، ومن طرد عن بابهم طرد عن باب الله، لأن إسقاطه من الولاية إيذاء له «١» ، ومن آذى وليًا فقد آذن الله بالحرب، فالواجب، على مَن أراد أن يرد مناهلهم، أن يصدق بجميعهم، ويعظم من انتسب إليهم، حتى تنصبغ في قلبه حلاوة الإيمان، وتشرق عليه شموس العرفان، فمن فعل هذا فقد اهتدى إلى الحق والصواب، واستحق الدخول مع الأحباب، ومن أعرض عن هذا فإنما هو في شقاق، وربما يخاف عليه من شؤم الكفر والنفاق، فسيكفي الله أولياءه سوءَ شره، والله غالب على أمره.
قال القشيري: فللقلوب صبغة، وللأرواح صبغة، وللسرائر صبغة، وللظواهر صبغة، فصبغة الأشباح والظواهر بآثار التوفيق، وصبغة الأرواح والسرائر بأنوار التحقيق. هـ. وقال الورتجبي: صبغة الله: صفته الخاصة
(١) الولي لا ينظر إلى الخلق بل غايته رضا الله عنه- فانكار الناس ولاية ولى لا يؤذى الولي، وإنما أذى الإنكار يعود على المنكر نفسه، طبقا للحديث الوارد.