يقول الحق جلّ جلاله: قُلْ لهم: لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً، فكيف أملك لكم ما تستعجلون من طلب العذاب؟ إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ: لكن ما شاء الله من ذلك يكون، أو: لا أملك إلا ما ملكني ربي بمشيئته وقدرته، لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ مضروب إلى هلاكهم، إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ عنه ساعَةً، وَلا هم يَسْتَقْدِمُونَ عنه، فلا تستعجلوا، فسيحين وقتكم وينجز وعدكم، قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ الذي تستعجلون بَياتاً أي: وقت بيات واشتغال بالنوم، أَوْ نَهاراً حين تشتغلون بطلب معاشكم، ماذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ؟ أيّ شيء من العذاب يستعجلونه وكله مكروره لا يلائم الاستعجال؟
وهو متعلق بأرأيتم، لأنه في معنى أخبروني، و «المجرمون» وضع موضع المضمر للدلالة على أنهم لجرمهم ينبغي أن يفزعوا من مجيء العذاب، لا أن يستعجلوه. قاله البيضاوي.
أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ أي: أثم تؤمنون إذا وقع العذاب وعاينتموه، حين لا ينفعكم إيمانكم، آلْآنَ أي: فيقال لكم الآن آمنتم حين فات وقته، وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ تكذيباً واستهزاء، ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا بعد هلاكهم: ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ أي: العذاب المؤلم الذي تخلدون فيه، هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ من الكفر والمعاصي.
الإشارة: لا يشترط في الولي أن يكاشف بالأمور المغيبة حتى يحترز من المكاره أو يجلب المنافع، إذ لم يكن ذلك للنبي، فكيف يكون للولي؟ بل هو معرض للمقادير الجارية على الناس، يجري عليه ما يجري عليهم، نَعْم..
باطنه محفوظ من السخط أو القنط، يتلقى كل ما يلقى إليه بالرضا والتسليم. فمن شرط ذلك فيه فهو محروم من بركة أولياء زمانه. والله تعالى أعلم.
ثم استخبروا عن العذاب أو الوحى، هل هو حق أم لا؟ كما قال تعالى:
قلت:(أحق) : مبتدأ، والضمير فاعله سد مسد الخبر، و (إي) : حرف جواب، بمعنى نعم، وهو من لوازم القسم، ولذلك يوصل بواوه، فيقال: إي والله، ولا يقال «إي» وحُده.