قيل لبعض الصالحين: ما بال المجتهدين من أحسن الناس خلَقاً؟ قال: لأنهم خلَوْا بالرحمن فألبسهم نوراً من نوره. هـ نعم، إن صحب المعصية توبةٌ وانكسارٌ، وصحب الطاعة عز واستكبارُ، انقلبت حقيقتهما، فقد تُقرب المعصية وتبعد الطاعة. وفي الحِكَم:«معصية أورثت ذُلاً وافتقاراً خير من طاعة أورثت عزا واستكبار، وقال أيضاً:
قلت:(مكانكم) : مفعول، أي: الزموا مكانكم، و (أنتم) تأكيد للضمير المنتقل إليه، و (شركاؤكم) عطف عليه.
يقول الحق جلّ جلاله: وَاذكر يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يعني فريق الحسنى، وفريق النار، ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا: الزموا مَكانَكُمْ من الخزي والهوان، حتى تنظروا ما يفعل بكم، أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ معكم، تمثل حينئذ معهم، فَزَيَّلْنا: فرَّقنا بَيْنَهُمْ وقطعنا الوُصل التي كانت بينهم، وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ، ينطقها الله تعالى تكذيباً لهم فتقول: مَّا كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ، وإنما عبدتم فى الحقيقة أهواءكم لأنها الأمارة لكم بالإشراك. وقيل المراد بالشركاء: الملائكة والمسيح.
فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ، فإنه العالم بحقيقة الحال، إِنْ كُنَّا أي: إنه الأمر والشأن كنا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ، لم نأمركم بها ولم نرضها. قال ابن عطية: وظاهر هذه الآية أن محاورتهم إنما هي مع الأصنام دون الملائكة وعيسى، بدليل القول لهم: مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ. ودون فرعون، ومن عُبد من الجن، بدليل قوله: إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ، وهؤلاء لم يغفلوا قط عن عبادة من عبدهم. هـ.
هُنالِكَ تَبْلُوا: فى ذلك المقام تبلوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ أي: تختبر ما قدمت من الأعمال خيراً أو شراً فتعاين نفعه وضرره، وقرأ الأخوان:«تتلوا» من التلاوة، أي: تقرأه في صحائف أعمالها، أو من التلوِ، أي:
تتبع عملها فتقودها إلى الجنة أو إلى النار. والمعنى: تفعل بها فعل المختبر لحالها المعرّف لسعادتها وشقاوتها،