ما كسبوا، وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ: المشركين، يعني قريشاً، سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا من الكفر والمعاصي، كما أصاب أولئك. والسين للتأكيد. وقد أصابهم ذلك، حيث قحطوا سبع سنين، وقتل صناديدهم يوم بدر. وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ: بفائتين من عذاب الله الإشارة: هذه الخصال الذميمة تُوجد في كثير من هذه الأمة، إذا أصابت العبد شدة أو قهرية رجع إلى الله، فإذا فرّج عنه بسبب عادي، كما هو دأب عالم الحكمة، أسند الفرج إلى ذلك السبب، فيقول: فلان فرّج عني، أو الدواء الفلاني شفاني، وهو شرك، كاد أن يكون جليّاً. والواجب: النظر إلى فعل الله وقدرته، وإسقاط الوسائط من نظره، ولو وجدت حكمةً، فالكمال فعلها وجوداً، والغيبة عنها شهوداً. وبالله التوفيق.
ثم ذكر ما جرت به عادته فى خلقه، من تعاقب العسر واليسر، والقبض والبسط، فقال:
يقول الحق جلّ جلاله: أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أي: أقالوا ذلك ولم يعلموا، أو: أَغفلوا ولم يعلموا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ أي: يوسعه لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ أي: يضيق لمَن يشاء بلا سبب ولا علة، أو: يجعله على قدر القوت من غير زيادة ولا نقصان، وهو من إتمام النعمة. وفي الحِكَم:«من تمام النعمة عليك أن يعطيك ما يكفيك، ويمنعك ما يطغيك»«١» . إِنَّ فِي ذلِكَ: البسط والقبض لَآياتٍ دالة على أن الحوادث كلها من الله بلا واسطة، لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ، إذ هم المستدلُّون بها على أن القابض والباسط هو الله، دون غيره.
الإشارة: قد يبسط الله الرزق لمَن لا خلاق له عنده، ويقبضه عن أحب الخلق إليه، وهو الغالب، فرزق المتقين كفاف، ورزق المترفين جزاف.
ولما وبّخ المشركين، وأطنب الكلام فيه، وأبرق وأرعد، رغّب فى التوبة للكافة، استعطافا وترغيبا بعد الترهيب، فقال:
(١) انظر الحكم، بتبويب المتقى الهندي/ ص ٣٧ حكمة ٢٢٥.