الحجاب لم يعترضوا على أحد، وهم المرجفون بأهل النسبة، إذا سمعوا شيئاً يسوؤهم أفشوه، وأظهروا الفرح. لئن لم ينتهوا عن ذلك ليُسلطن الله عليهم مَن يُخرجهم من النسبة بالكلية، ثم لا يبقون فيها إلا قليلاً، ممقوتين عند أهل التحقيق، أينما وُجدوا، أُخذوا بالفعل أو بالقول فيهم. وقد ألَّف بعض الفقهاء تأليفاً في الرد على الفقراء، فسلّط الله عليه من أهانه، ووَسمَه بالبلادة والجمود، ولا زال مُهاناً أينما ذُكر، والعياذ بالله.
ولما ذكر حال المنافقين، ذكر حال المشركين، لاشتراكهم فى الكفر، فقال:
يقول الحق جلّ جلاله: يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ، كان المشركون يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت الساعة، استعجالاً واستهزاءً، واليهود يسألون امتحاناً لأن الله تعالى أخْفى وقتها في التوراة وفي كل كتاب، فأمر رسولَه صلى الله عليه وسلم أن يجيبهم بأنه علم قد استأثر الله به، ثم بيّن لرسوله عليه الصلاة والسلام- أنها قريبة الوقوع، تهديداً للمستعجلين، وإسكاتاً للممْتحنين فقال: قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ، لم يُطلع عليها ملكاً ولا نبيًّا.
وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً أي: شيئاً قريباً، أو: في زمان قريب، فتنصب على الظرفية، ويجوز أن يكون التذكير لأن الساعة في معنى اليوم أو الزمان.
إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ أبعدهم عن رحمته، وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً ناراً شديدة التسعير، أي: الإيقاد، خالِدِينَ فِيها أَبَداً، وهذا يرد مذهبَ الجهمية في زعمهم أن النار تفنى، و (خالدين) : حال مقدَّرة من ضمير «لهم» . لا يَجِدُونَ وَلِيًّا يحفظهم، وَلا نَصِيراً يمنعهم ويدفع العذاب عنهم، وذلك يَوْمَ تُقَلَّبُ أو: واذكر يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ تطوف من جهة إلى جهة، كما ترى البضعة «١» من اللحم تدور