حيث استخرجهم واستشهدهم، فاتفقوا على الإقرار، ثم اختلفوا في عالم الأشباح باتباع الهوى والأباطيل، أو ببعثة الرسل فتبعتهم طائفة وكفرت اخرى. وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ في اللوح المحفوظ، بتأخير الحكم، أو العذاب الفاصل بينهم إلى يوم القيامة، فإنه يوم الفصل والجزاء، لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ عاجلاً فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ بإهلاك المُبْطِل وإبقاء المحق.
الإشارة: اختلاف الناس على الأولياء كاختلافهم على الأنبياء، أمر سبق به الحكم الأزلي لا محيد عنه، فمن طلب اتفاقهم عليه فهو جاهل بالله وبطريق أهل الله. والله تعالى أعلم.
يقول الحق جلّ جلاله: وَيَقُولُونَ يقول الكفار: لَوْلا هلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ ظاهرة مِنْ رَبِّهِ تدل على صدقه، يعاينُها الناس كلهم، فتلجئهم إلى الإيمان به، وهذا الأمر على هذا الوجه لم يكن لنبي قط، إنما كانت الآية تظهر معرّضة للنظر، فيهتدي بها قوم، ويكفر بها آخرون، فَقُلْ لهم: إِنَّمَا علم الْغَيْبُ لِلَّهِ مختص به، فلم أَطََّلع عليه حتى أعلم وقت نزولها، ولعله علم ما في نزولها من الضرر لكم فصرفها عنكم، فَانْتَظِرُوا نزول ما اقترحتموه، إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ لذلك، وهذا وعد قد صدقه الله بنصرته- عليه الصلاة السلام- وأخذهم ببدر وغيره، أو من المنتظرين لما يفعل الله بكم لعنادكم وجحودكم الآيات.
الإشارة: ما زالت العامة تطلب من مشايخ التربية الكرامات، فجوابهم ما قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلّم:(قل إنما الغيب لله) فانتظروا ما يظهر على أيديهم من الهداية والإرشاد، وإحياء البلاد والعباد بذكر الله، وهذا أعظم الكرامة، فإن إخراج الناس عن عوائدهم وعن دنياهم خارق للعادة، سيما في هذا الزمان الذي احتوت فيه الدنيا على القلوب، فلا ترى عالماً ولا صالحاً ولا منتسباً إلا وهو مغروق في بحر ظلماتها، فإنا لله وإنّا إليه راجعون.