وكرر بِإِذْنِي مع كل معجزة إبطالا لدعوى الربوبية فيه، إذ قد عزله عن قدرته ومشيئته مع كل معجزة. قال ابن جزي: الضمير المؤنث- يعنى في «فيها» - يعود على الكاف، لأنها صفة الهيئة، وكذلك المذكور في آل عمران.
فَأَنْفُخُ فِيهِ يعود على الكاف لأنها بمعنى مثل، وإن شئت قلت: هو في الموضعين يعود على الموصوف المحذوف الذي وصف به كهيئة، فتقديره في التأنيث: صورة، وفي التذكير: شخصًا، أو خلقًا وشبه ذلك. هـ.
وَاذكر أيضًا إِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ حين هموا بقتلك، إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ أي: ما هذا الذي جئتنا به إلا سحرًا، أو: قالوا في شأنك حين جئتهم: ما هذا إلا ساحر مبين، وَاذكر أيضًا إِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أي: ألهمتهم، أو أمرتهم بأن آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي عيسى، فامتثلوا، وقالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ أي: منقادون ومخلصون.
الإشارة: قال الورتجبي: من تمام نعمة الله- تعالى- عليه صيرورة جسمه بنعت روحه في المهد على شبابه بالقوة الإلهية، بأن نطق بوصف تنزيه الله وقدسه وجلاله، وربويته وفناء العبودية فيه، وبقيت تلك القدرة فيه إلى كهولته، حتى عرّف عباد الله تنزيه الله وقدس صفات الله وحسن جلال الله، وهذا معنى قوله تعالى: تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا، وزاد في وصفه بقوله: وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ، تجلى بقدرته بيده حتى يخط بغير تعلم.
هـ. فانظره، مع ما ورد في التاريخ أنه كان يذهب مع الصبيان للمكتب.