قلت:(وصية) : مبتدأ، والخبر محذوف، أي: عليهم وصية، ومَنْ نَصَبَ، فمفعول مطلق، أي: فليوصوا وصية، و (غير) : حال من الأزواج، أي: حَالَ كَوْنِهِنَّ غَيْرَ مُخْرَجَاتِ.
يقول الحق جلّ جلاله: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ ويتركون أَزْواجاً بعدهم، فيجب عليهم أن يوصوا لأزواجهم وصية يتمتعن بها من كسوة ونفقة وسكنى، إلى تمام الْحَوْلِ ما دام الأزواج لم يخرجن من مسكن الزوج، فَإِنْ خَرَجْنَ بأنفسهن، فلا نفقة ولا كسوة ولا سكنى عليكم أيها الأولياء، ولا حرج عليكم فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ من التزين والتعرض للنكاح بعد تمام عدتهن، على ما هو معروف في الشرع، والوصية منسوخة بآية الميراث، وتربص الحول بآية أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً المتقدمة «١» المتأخرة في النزول، وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ينسخ ما يشاء، ويحكم ما يريد، باعتبار الحكمة والمصلحة.
الإشارة: والذين يُتوفون عن الحظوظ والشهوات، ويتركون علوماً وأسراراً، ينبغي لهم أن يوصوا بحفظها وتدوينها، كان الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه إذا استغرق في الكلام وفاضت عليه المواهب، يقول:(هلاَّ رجلٌ يقيد عنا هذه العلوم) . هـ. ليقع التمتع بها للسائرين والطالبين، (غير إخراج) لغير أهلها، فإن قضى الوقت بخروجها، من غير قصد، فلا حرج، إما لغلبة وجد أو هداية مريد، (والله عزيز حكيم) ، فعزته اقتضت الغيرة على سره: أن يأخذه غير أهله، وحكمته اقتضت ظهوره في وقته لأهله. والله تعالى أعلم.