يقول الحق جلّ جلاله: إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ من أمر خلقه، إيماناً أو كفراناً، طاعة أو عصياناً، أحاط علمه بما فى السموات العلي وما في الأرضين السفلى، كليّاً كان أو جزئيّاً، حسيّاً أو معنوياً، يعلم عدد الحصى والرمال، ومكاييل المياه ومثاقيل الجبال، ويعلم حوادث الضمائر، وهواجس الخواطر، بعلم قديم أزلي، وله قدرة نافذة، وحكمة بالغة، فبقدرته صَوَّرَ النُّطَف في الأرحام كيف شاء سبحانه من نقص أو تمام، وأتقنها بحكمته، وأبرزها إلى ما يَسَّرَ لها من رزقه، سبحانه من مدبر عليم، عزيز حكيم، لا يعجزه شيء، ولا يخرج عن دائرة علمه شيء، لا موجود سواه، ولا نعبد إلا إياه، وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق.
الإشارة: مَنْ تحقق أن الله واحد في ملكه، لا شريك له في ذاته ولا في صفاته ولا أفعاله، وأنه أحاط به علماً وسمعاً وبصراً، وأن أمره بين الكاف والنون، (إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يقولَ له كُن فيكون) - كيف يشكو ما نزل به منه إلى أحد سواه؟ أم كيف يرفع حوائجه إلى غير مولاه؟ أم كيف يعول هما، وسيدُه من خيره لا ينساه؟ من دبرك في ظلمة الأحشاء، وصوَّرك في الأرحام كيف يشاء، وآتاك كل ما تسأل وتشاء، كيف يَنْساكَ من بره وإحسانه؟ أم كيف يخرجك عن دائرة لطفه وامتنانه؟ وفي ذلك يقول لسان الحقيقة: