قلت: هذا لمَن تحققت محبوبيته ممن رسخت قدمه في شهود الحق، واطمأن به، وأما قبل هذا فالأمر مُبهم.
قال اللجائي، في كتابه «قطب العارفين» : وإياك أن تعتقد أنّ في الناس شرّاً منك، وإن كان عاصياً وأنت مطيع، فإنّ الأمر يحدث بعد الأمر، وسِرُّ الله تعالى في خلقه غامض، لا يُدرى مَن يبوء بالشقاوة، ولا مَن يفوز بالسعادة، وقد يتلقى العبدُ رضا الله تعالى بحسنة واحدة، ويتلقى سخطه بذنب واحد، فإنَّ أمر الله خفي في غموض المشيئة ... إلخ.
يقول الحق جلّ جلاله: وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا من أهل مكة ولم يُصالحوا، أو من خلفاء خيبر، الذين جاءوا لنصرهم لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ منهزمين ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا يلي أمرهم، وَلا نَصِيراً ينصرهم. سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ: مصدر مؤكد، أي: سنَّ الله غلبة أنبيائه سنة ماضية، وهو قوله:
وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ أي: أيدي كفار أهل مكة وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ عن أهل مكة بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ أي: أقدركم وسلَّطكم عليهم، يعني: قضى بينهم وبينكم المكافّة والمحاجزة بعد ما خوّلكم الظفر عليهم والغلبة، وذلك أن عكرمة بن أبي جهل خرج في خمسمائة إلى الحديبية، يطلب غرة بالمسلمين، فبعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خالدَ بن الوليد على جند، فهزمهم، حتى أدخلهم حيطان مكة، ثم عاد ثانيا