قلت:(ليسجننه) : مفسر للفاعل، أي: ظهر لهم سجنه إذ الجملة لا تكون فاعلاً على المشهور، وجوزه بعضهم مستدلاً بالآية. وقيل: محذوف، أي: بدا لهم رأي ليسجننه. وقال الإمام القصار، الفاعل هو القسم المفهوم من اللام الموطئة له، أي: بدا لهم قسمهم ليسجننه.
يقول الحق جلّ جلاله: ثُمَّ بَدا لَهُمْ أي: ظهر للعزيز وأهله، مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ الدالة على براءة يوسف كشهادة الصبي، وقَدّ القميص، وقطع الأيدي، واستعصامه منهن، فظهر لهم سجنه. وأقسموا لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ: حتى يظهر ما يكون منه ليظن الناس أنها مُحِقة فيما ادعت عليه. فخدعت زوجها حتى وافقها على سجنه. ورُوي أنه لما أدخل السجن ندَمت زليخاً على سجنه، وعيل صبرها على فراقه، فأرسلت إلى السجان ليطلقه، فأبى، فلبث فيه سبع سنين.
وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ أي: فسجنوه واتفق أنه دخل معه في ذلك اليوم رجلان آخران، من عبيد الملك: ساقيه وخبازه، اتُهِمَا أنهما أرادا أن يَسُمَّاه، قالَ أَحَدُهُما وهو الساقي: إِنِّي أَرانِي في المنام أَعْصِرُ خَمْراً أي: عنباً. وسماه خمراً: باعتبار ما يؤول إليه. رُوي أنه قال: رأيت كأن الملك دعاني وردني إلى قصره، فبينما أنا أدور في القصر، وإذا بثلاثة عناقيد من العنب، فعصرتها، وحملت ذلك إلى الملك لأسقيه له.