ثم قال لهم: أَوَعَجِبْتُمْ أي: أكذبتم وعجبتم من أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ أي: تذكير ووعظ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى لسان رَجُلٍ مِنْكُمْ أي: من جملتكم، أو من جنسكم كانوا يتعجبون من إرسال البشر ويقولون:
وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً مَّا سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ «١» ، قال القشيري: عجبوا مِن كونِ شخص رسولاً، ولم يَعجبوا من كون الصنم شريكًا لله، هذا فَرطُ الجهالة وغاية الغواية. هـ. وحكمة إرساله كونه جاءكم لِيُنْذِرَكُمْ عاقبة الكفر والمعاصي، وَلِتَتَّقُوا الله بسبب ذلك الإنذار، وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ بتلك التقوى، وفائدة حرف الترجي التنبهُ على أن التقوى غير مُوجب للترحم بذاته، وإنما هو- أي: الترحم- فضل من الله، وأن المتقي ينبغي ألا يعتمد على تقواه، ولا يأمَن من عذاب الله.
فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ هو ومن آمن به، وكانوا أربعين رجلاً وأربعين امرأة، وقيل: عشرة، وقيل:
الإشارة: الشريعة المحمدية: سفينة نوح عليه السلام، فمن ركب بحر الحقائق وحاد عنها حال بينه وبينها الموج فكان من المغرقين في بحر الزندقة والكفر، ومن تمسك بها في ذلك كان من الناجحين الفائزين.