الرحمة الذي أحاطت بهم نعمته، ووسعت كل شيء رحمته، فلم يشكروا ما أنعم به عليهم، وخصوصاً إرسالك إليهم، وإنزال القرآن عليهم، الذي هو مناط المنافع الدينية والدنيوية. قيل: نزلت في أبي جهل، وقيل: في قريش حين قالوا: لا نعرف الرحمن، والمعنى: أرسلناك إليهم رحمة لتتلو عليهم ما هو مناط الرحمة، وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ-، والحال: أنهم يكفرون ببليغ الرحمة. قُلْ هُوَ رَبِّي أي: الرحمن خالقي ومتولي أمري، لاَ إِلهَ إِلَّا هُوَ لا مستحق للعبادة غيره، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ في أموري، ومن جملتها نصري عليكم. وَإِلَيْهِ مَتابِ مرجعي في أموري كلها، لا أرجع إلى أحد غيره، ولا أتعلق بشيء سواه.
الإشارة: قد بعث الله في كل عصر عارفاً بالله يحيي به الدين، ويعرف الطريق إلى رب العالمين فالأرض لا تخلو ممن يقوم بالحجة، غير أنهم تارة يخفون لفساد الزمان، وتارة يظهرون رحمة للأنام. فإذا وقع الإنكار عليهم، أو استغرب وجودهم، يقال لهم: كذلك أرسلنا في كل أمة نذيراً، وداعياً، فإرسالكم أنتم وإظهاركم ليس ببدع، لتعلموا الناس ما أوحي إليكم من طريق الإلهام فإظهاركم رحمة، وهم يكفرون هذه النعمة. فاعتمدوا على الرحمن، وثقوا بالواحد المنان، وارجعوا إليه في كل حال وشأن. فمن توكل عليه كفاه، ومن التجأ إليه حماه.
ثم رجع إلى تتميم الجواب عن قول الكفار:(لولا أنزل عليه آية من ربه) ، فقال: