يقول الحق جلّ جلاله: وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بالمعجزات الواضحات: كالعصا واليد وفلق البحر، ثم لم ينجح ذلك فيكم، فاتخذتم العجل إلهاً تعبدونه من بعد ذهابه إلى الطور وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ في ذلك، فأين دعواكم الإيمان بالتوراة؟
الإشارة: ويقال لمن أقام على عيبه، ورضي بمرض قلبه، حتى لقي الله بقلب سقيم: لقد جاءتكم أوليائي بالآيات الواضحات، ولو لم يكن إلا شفاء المرضى على أيديهم- أعني مرضى القلوب- لكان كافياً، ثم اتخذتم الهوى إلهكم، وعبدتم العاجلة بقلوبكم، وعزَّتْ عليكم نفوسكم وفلوسكم، وأنتم ظالمون في الإقامة على مساوئكم وعيوبكم، مع وجود الطبيب لمن طلب الشفاء، وحسّن الظن وشهد الصفاء. (كن طالباً تجد مرشداً) وبالله التوفيق.
ثم عدّد الحق تعالى عليهم مساوئ تقدمت لأسلافهم تبطل دعوى إيمانهم، فقال:
قلت:(إن كنتم) : شرط حُذف جوابه، أي: إن كنتم مؤمنين فبئس ما يأمركم به إيمانكم.
يقول الحق جلّ جلاله: وَاذكروا أيضاً إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ أن تعملوا بالتوراة فأبيتم وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ جبل الطُّورَ وقلنا: خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ واجتهاد وَاسْمَعُوا ما أقول لكم فيه قالُوا بلسان حالهم: سَمِعْنا قولك وعَصَيْنا أمرك، حيث لم يمتثلوا، أو بلسان المقال لسوء أدبهم، وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ حب الْعِجْلَ حتى صبغ فيها ورسخ رسوخ الصبغ في الثوب، لأنهم كانوا مُجَسِّمَةً، ولم يروا منظراً أعجب من العجل الذي صنعه السامري، (قل) لهم يا محمد: بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ بالتوراة الذي ادعيتموه، إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، لكن الإيمان لا يأمر بهذا فلستم مؤمنين.
الإشارة: يقول الحق جلّ جلاله لمن ادعى كمال الإيمان، وهو منكر على أهل الإحسان، مع إقامته على عوائد نفسه، وكونه محجوباً بشهود حسه: وإذ أخذنا ميثاقكم، بأن تجاهدوا نفوسكم، وتخرقوا عوائدكم لتدخلوا حضرة