لكل شيء إذا فارقْتَهُ عِوَضٌ ... وَلَيْسَ لله إنْ فارقْتَ مِنْ عَوِضِ
وفي الحكم:«ماذا وَجَدَ مَنْ فقدك؟ وما الذي فَقَدَ مَنْ وَجَدَك؟ لقد خاب مَنْ رَضِي دونك بدلاً، ولقد خسر من بغى عنك مُتحولاً» . فكل مَن وقف مع شيء من السِّوى، وفاته التوجه إلى معرفة المولى، فهو في نار القطيعة والهوى، مع النفوس الفرعونية، وأهل الهمم الدنية. نسأل الله تعالى العافية.
ثم بدأ بعتاب اليهود، بعد أن قرر شأن كتابه العزيز وما اشتمل عليه من المحكم والمتشابه، توطئة للكلام معهم، فقال:
قلت: لمَّا رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة بدر غالباً منصوراً بالغنائم والأسارى، جمع اليهود في سوق بني قينقاع، وقال لهم: يا معشر اليهود، اتقوا الله وأسلموا، فإنكم تعلمون أني رسولُ الله حقا، واحذروا أن يُنزل الله بكم من نقمته ما أنزل على قريش يوم بدر، فقالوا: يا محمد، لا يغرّنّك لا أنك لقيت أغماراً لا علم لهم بالحرب، لئن قاتلتنا لتعلَمنَّ أنَّا نحن الناس. فأنزل الله فيهم هذه الآية.
يقول الحق جلّ جلاله: قُلْ يا محمد لِلَّذِينَ كَفَرُوا من بني إسرائيل، أو مطلقاً: سَتُغْلَبُونَ إن قاتلتم المسلمين، وَتُحْشَرُونَ بعد الموت والهزيمة إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ ما مهدتم لأنفسكم من العذاب، وقد صدق وعده بقتل قريظة، وإجلاء بني النضير، وفتح خيبر، وضرب الجزية على من عداهم. فقد غُلِبوا أينما ثُقفوا، وحشروا إلى جهنم، إلا من أسلم منهم.
ثم ندبهم للاعتبار بما وقع من النصر للمسلمين يوم بدر فقال لهم: قَدْ كانَ لَكُمْ يا معشر اليهود، آيَةٌ أي:
عبرة ظاهرة، ودلالة على صدق ما أقول لكم: إنكم ستغلبون، فِي فِئَتَيْنِ أي: جماعتين الْتَقَتا يوم بدر، وهم