الإشارة: كما شهد الحق تعالى لرسوله بالنبوة والرسالة، شهد لمن كان على قدمه من ورثته الخاصة بالولاية والخصوصية، وهم الأولياء العارفون بالله، وشهادته لهم بما أظهر عليهم من العلوم اللدنية والأسرار الربانية، وبما أتحفهم به من الأخلاق النبوية والمحاسن البهية، وبما أظهر على أيديهم من الكرامات الظاهرة مع الاستقامة الشرعية، لكن لا يدرك هذه الشهادة إلا مَن سبقت له العناية، وكان له حظ فى الولاية. «سبحان مَن لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه! ولم يوصل إليه إلاّ مَن أراد أن يوصله إليه» وبالله التوفيق.
يقول الحق جلّ جلاله: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بما أنزلت على رسولنا من اليهود أو غيرهم، وَصَدُّوا الناس عن طريق الله الموصلة إليه، قَدْ ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيداً لأنهم جمعوا بين الضلال والإضلال، ولأن المضل يكون أغرق في الضلال وأبعد عن الانقلاع. إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا الناس بصدهم عما فيه صلاحهم وخلاصهم، أو ظلموا رسول الله بإنكار نبوته وكتمان صفته، أو ظلموا أنفسهم بالانهماك في الكفر، لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً، إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً، فجرى حكمه السابق ووعده الصادق على أن مَن مات على الكفر مخلد في النار، وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً لا يصعب عليه ولا يتعاظمه.
الإشارة: إِنَّ الذين كفروا بالخصوصية وأنكروا على أهلها، وصدوا الناس عن القصد إليها والدخول في حزبها قد ضلوا عن طريق الوصول ضلالاً بعيدًا، إذ لا وصول إلى الله إلا على يد أولياء الله لأنهم باب الحضرة، فلا بد من الأدب معهم والخضوع لهم. إن الذين كفروا بأولياء الله، وظلموا أنفسهم حيث حرموها الوصول، وتركوها في أودية الخواطر تَجُول، لم يكن الله ليستر مساوئهم ويقدس سرائرهم، ولا ليهديهم طريق المشاهدة ولا كيفية المجاهدة، وإنما يمكنهم من طريق التعب والنصب حتى يلقوا الله بقلب سقيم، والعياذ بالله.