للعباد، مَن آذاهم لا يُعاجَل بالعقوبة غالبًا، كما كان نبيهم رحمة للعالمين، فقال: «اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون» . والله تعالى أعلم.
ثم جددّ الأمر بالاعتبار، فقال:
[[سورة الأنعام (٦) : آية ١١]]
قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١١)
قلت: قال الزمخشري: فإن قلت: أيُّ فرق بين قوله: (فانظروا) ، وبين قوله: (ثم انظروا) ؟ فالجواب: أنه جعل النظر مسبَّبًا على السير فى قوله: انْظُرُوا، كأنه قال: سيروا لأجل النظر، وأما قوله: قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا، فمعناه: إباحة السير للتجارة وغيرها من المنافع، وإيجاب النظر في الهالكين. هـ. ولم يقل: كانت لأن العاقبة مُجَاز تأنيثُها.
يقول الحق جلّ جلاله: قُلْ لهم: سِيرُوا فِي الْأَرْضِ وجُولوا في أقطارها، ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ قبلكم، كعاد وثمود وقوم لوط وأصحاب مَديَن، كيف أهلكهم الله بعذاب الاستئصال، كي تعتبروا وتنزجروا عن تكذيب محمد- عليه الصلاة السلام-.
الإشارة: يقال لأهل التنكير على أهل الذكر والتذكير: سِيروا في الأرض، وانظروا كيف كان عاقبة المنكرين على المتوجهين، كانت عاقبتهم الخذلان، وسوء الذكر بعد الموت والخسران كابن البراء وغيره من أهل التنكير.
نعوذ بالله من التعرّض لمقت الله.
لكن الأمر كله بيد الله، كما قال تعالى:
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٢ الى ١٣]
قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (١٢) وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣)
قلت: جملة (ليجمعنّكم) : مقطوعة، جواب لقسَم محذوف، وقيل: بدل من الرحمة، وهو ضعيف لدخول النون الثقيلة في غير موضعها. و «إلى» : هنا، للغاية، كما تقول: جمعتُ القوم إلى داري. وقيل: بمعنى «في» ، و (الذين خسروا) : مبتدأ، وجملة: (فهم لا يؤمنون) : خبر، و (له ماسكن) : عطف على (لله) ، وهو إما من السكنى فلا حذف، أو من السكون، فيكون حذف المعطوف. أي: ما سكن وتحرَّك.