قلت:(أَإِذا) : ظرف، والعامل فيه محذوف، أي: أأُخرج إذا مت، لا المتأخر عن اللام لأنه لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، إلا أن يرخص في الظروف. واللام في «لَسَوْفَ» ليست للتأكيد، فإنه مُنْكِرٌ، وكيف يحقق ما ينكر، وإنما كلامه حكاية لكلام النبي صلى الله عليه وسلم، كأنه الذي قال: والله إن الإنسان إذا مات لسوف يُخرج حيًّا، فأنكر الكافر ذلك وحكى قوله، فنُزلت الآية على ذلك، قاله الجرجاني: و (الشَّياطِينَ) : عطف على ضمير المنصوب، أو مفعول معه.
و (جِثِيًّا) : حال من ضمير (لَنُحْضِرَنَّهُمْ) البارز، أي: لنحضرنهم جاثين، جمع جاث، من جثى إذا قعد على ركبتيه، وأصله:«جثوو» بواوين، فاستثقل اجتماعهما بعد ضمتين، فكسرت الثاء تخفيفًا، وانقلبت الواو الأولى ياء لانكسار ما قبلها، فاجتمعت واو وياء، وسبقت إحداهما بسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الأولى في الثانية، ومن قرأ بكسر الجيم: فعلى الإتْبَاعِ.
و «أَيُّهُمْ» : مبني على الضم عند سيبوبه، لأنه موصول، فحقه البناء كسائر الموصولات، لكنه أعرب في بعض التراكيب للزوم الإضافة، فإذا حذف صَدْرُ صِلَتِهِ زاد نقصُه فقوي شبه الحرف فيه، وهو منصوب المحل بلننزعن، وقرئ منصوبًا على الإعراب، ومرفوعًا عند الخليل وغيره بالابتداء، وخبره:«أَشَدُّ» ، والجملة محكية، والتقدير:
لننزعن من كل شيعة الذين يُقال لهم أيهم أشد ... الخ. وقال يونس: علق عنها الفعل وارتفعت بالابتداء، و (عِتِيًّا) و (صِلِيًّا) أصلهما: عتوى وصلوى، من عتى وصلى، بالكسر والفتح، فاعلاً بما تقدم.
يقول الحق جلّ جلاله: وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أي: جنس الإنسان، والمراد الكفرة، وإسناد القول إلى الكل لوجود القول فيما بينهم، وإن لم يقله الجميع، كما يقال: بنو فلان قتلوا فلانًا، وإنما القاتل واحد، وقيل: القائل: أُبيُّ بن خَلَف، فإنه أخذ عظامًا بالية، ففتتها، وقال: يزعم محمد أنا نُبعث بعد ما نموت ونصير إلى هذا الحال، فنزلت.
أي: يقول بطريق الإنكار والاستبعاد: أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا أي: أأبعث من الأرض بعد ما مِتُّ وأُخرج حيًا؟ قال تعالى: أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ، من الذِّكر الذي يُراد به التفكر، ولذلك قرىء بالتشديد من