التي لا تتقلب، وعلمه القديم الذي لا يتغير. وفي هذا المقام: الإشراف على بحار الغيوب، وسرائر ما كان في القديم، وعواقب ما يدب. ومنه: مكاشفة العبد بحاله، وإشهاده من المحبة مقامه، والإشراف على مقامات العباد في المآل، والاطلاع عليهم في تقلبهم في الأبد حالاً ومآلاً. هـ.
قلت: هذا الاطلاع إنما هو إجمالي لا تفصيلي، وقد يقع فيه المحو والإثبات لأنه من جملة المعلومات التي دخلت عالم التكوين، التي يقع فيها التبديل والتغيير.
ثم قال صاحب القوت: وقد قال أحسن القائلين: وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ «١» ، والاستثناء واقع على إعطاء الإحاطة بشيء من شهادة علمه، بنورٍ ثاقبٍ من وصفه، وشعاع لائحٍ من سبحاته، إذا شاء، وذلك إذا أخرجت النفس من الروح، فكان روحانياً، خُروجَ الليلِ من النهار. هـ.
قلت: وَإِنْ ما: شرطية، اتصلت ما الزائدة بأن الشرطية للتأكيد، والجواب: فَإِنَّما ... إلخ، أو: فلا تحتفل فإنما ... إلخ، ولا مُعَقِّبَ: في موضع الحال، أي: يحكم نافذاً حكمه، كقوله: جاء زيد لا سلاح معه، أي: حاسرا.
ومَنْ عِنْدَهُ: عطف على بِاللَّهِ.
يقول الحق جلّ جلاله لنبيه صلى الله عليه وسلم تسكيناً له: وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ من العذاب الذي استعجلوه، أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ قبل أن ترى ذلك، فلا تحتفل بشأنهم، فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ للرسالة لا غير، وَعَلَيْنَا الْحِسابُ: المجازاة. والمعنى: كيفما دار الحال دُرْ معه، أريناك بعض ما أوعدناهم في حياتك، أو توفيناك قبله، فلا تهتم بإعراضهم، ولا تستعجل بعذابهم فإنا فاعلون ذلك لا محالة، وهذا طلائعه، فقد فتحنا عليك كثيراً من بلادهم ونقصناها عليهم.