الإشارة: ينبغي للشيوخ إذا تحققوا من المريدين كمال اليقين، وظهر عليهم أمارات الرشد، ألا يمنعوهم من تعاطي الأسباب، وأخذ ما جاءهم من الدنيا، بلا استشراف ولا طمع، فقد يكون ذلك عوناً لهم على الدين، وعمارة لزاوية الذاكرين، فذلك أزكى لهم وأطهر لقلوبهم، (والله يعلم وأنتم لا تعلمون) .
يقول الحق جلّ جلاله: ويجب على الوالدات أن يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ إذا كُنَّ في العصمة، ولا شرف لهن لجرى العُرف بذلك، أو مطلقاتٍ، ولم يقبل الولد غيرهنَّ، هذا لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ، فإن اتفقا على فطامه قبلهما، جاز، كما يأتي. ويجب عَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ وهو الأب، رزق أمهات أولادة، وَكِسْوَتُهُنَّ إذ هو الذي يُنسب المولود له، وذلك بِالْمَعْرُوفِ، لا يكلف الله نفسا إلا ما في وُسْعها وتُطيقه، فلا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها، بحيث ترضعه وهي مريضة، أو انقطع لبنها. بل يجب على الأب أن يستأجر من يرضعه، ولا يضار مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ، بحيث يكلف من الإنفاق والكسوة فوق جهده. فإن مات الأب وترك مالاً- فعلى الْوارِثِ الكبير مِثْلُ ذلِكَ من الكسوة والإنفاق، يُجريها من مال الأب، ويحسبها من حق الصبي، فإن لم يكن للأب مال- فعلى جماعة المسلمين.
فَإِنْ أَرادا أي: الأب والمرضعة، فِصالًا أي: فطاماً للصبي قبل تمام الحولين، عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ بينهما، فَلا جُناحَ عَلَيْهِما، إن لم يخف على الولد ضعف. وَإِنْ أَرَدْتُمْ، أيها الأزواج، أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ عند غير الأم، برضاها، فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ في ذلك إِذا سَلَّمْتُمْ أي: أعطيتم للمراضع، ما آتَيْتُمْ أي: ما أردتم إيتاءه من الأجرة بِالْمَعْرُوفِ من غير مَطْلٍ ولا تقتير. والشرط إنما هو