يقول الحق جلّ جلاله: وَاذكر يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، وهو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل- عليه السلام- عن أبى هريرة رضي الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لما فرغ الله تعالى من خلق السموات والأرض، خلق الصور، فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه، شاخص بصره إلى العرش، حتى يؤمر، قال: قلت: كيف هو؟ قال:
عظيم، والذي نفسي بيده إن عظم دارة فيه كعرض السموات والأرض» وفي حديث آخر: «فيه ثقب بعدد كل روح مخلوقة، فيؤمر بالنفخ فيه، فينفخ نفخة، لا يبقى عندها في الحياة أحد، غير من شاء الله تعالى وذلك قوله تعالى: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ «١» ، ثم يؤمر بأخرى، فينفخ نفخه لا يبقى معها ميت إلا بُعث» . وفي رواية:«فينفخ نفخة البعث، فتخرج الأرواح، كأنها النحل، فتملأ ما بين السماء والأرض، وتأتي كل روح إلى جسدها، كما تأتي النحل إلى وكرها. وذلك قوله تعالى: ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ «٢» .
قال أبو السعود: والذي يستدعيه النظم الكريم أن المراد بالنفخ هاهنا: النفخة الثانية، وفي الفزع في قوله تعالى:
فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ما يعتري الكل عند البعث والنشور، بمشاهدة الأمور الهائلة، الخارقة للعادات في الأنفس والآفاق، من الرعب والتهيب، الضروريين، الجبلين في كل نفس. وإيراد صيغة الماضي مع كون المعطوف عليه مضارعاً للدلالة على تحقق وقوعه. هـ. وظاهره أن النفخ مرتان فقط، واعتمده القرطبي وغيره، وصحح ابن عطية أنها ثلاث، ورُوي ذلك عن أبي هريرة: نفخة الفزع وهي فزع حياة الدنيا، وليس بالفزع الأكبر، ونفخة الصعق، ونفخة القيام من القبور.