للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو (١) الذي لا يمكن من أوجب على المتمتِّع سعيينِ أن يقول غيرَه، وإمَّا أنَّ المتمتِّع يكفيه سعيٌ واحدٌ، لكنَّ الأحاديث الَّتي تقدَّمت في بيان أنَّه كان قارنًا صريحةٌ في ذلك، فلا يُعدَل عنها.

فإن قيل: فقد روى شعبة عن حُميد بن هلالٍ عن مطرِّف عن عمران بن حُصينٍ: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - طاف طوافين وسعى سعيين. رواه الدَّارقطنيُّ (٢) عن ابن صاعد (٣): ثنا محمد بن يحيى الأزدي، ثنا عبد الله بن داود، عن شعبة.

قيل: هذا خبرٌ معلولٌ، وهو غلطٌ.

قال الدَّارقطنيُّ: يقال: إنَّ محمَّد بن يحيى حدَّث بهذا من حفظه، ووهم في متنه، والصَّواب بهذا الإسناد: «أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قرنَ بين الحجِّ والعمرة»، والله أعلم. وسيأتي إن شاء الله ما يدلُّ على أنَّ هذا الحديث غلطٌ.

وأظنُّ أنَّ الشَّيخ أبا محمد قدَّس الله روحه إنَّما ذهب إلى أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان متمتِّعًا، لأنَّه رأى الإمام أحمد قد نصَّ على أنَّ التَّمتُّع أفضل من القِران، ورأى أنَّ الله سبحانه لم يكن ليختار لرسوله إلا الأفضل، ورأى الأحاديث قد جاءت بأنَّه تمتَّع، ورأى أنَّها صريحةٌ في أنَّه لم يحلَّ، فأخذ من هذه المقدِّمات الأربع أنَّه تمتَّع (٤) تمتُّعًا خاصًّا لم يحلَّ منه، ولكنَّ أحمد لم يرجِّح التَّمتُّع لكون النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حجَّ متمتِّعًا، كيف وهو القائل: لا أشكُّ أنَّ


(١) ك، ص: «وهذا».
(٢) برقم (٢٦٣٢)، والحديث لا يثبت. انظر: «تنقيح التحقيق» (٣/ ٥٢٢).
(٣) ك، ص: «أبي صاعد».
(٤) «ورأى ... تمتع» ساقطة من ك بسبب انتقال النظر.