للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جابر قال: «لم يَطُفِ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه بين الصَّفا والمروة إلا طوافًا واحدًا طوافه الأوَّل هذا»، مع أنَّ أكثرهم كانوا متمتِّعين. وقد روى سفيان الثَّوريُّ (١) عن سلمة بن كُهيلٍ قال: حلف طاوسٌ: ما طاف أحدٌ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لحجِّه وعمرته إلا طوافًا واحدًا.

قيل: الذين نصروا (٢) أنَّه كان متمتِّعًا تمتُّعًا خاصًّا لا يقولون بهذا القول، بل يوجبون عليه سعيينِ، والمعلوم من سنَّته - صلى الله عليه وسلم - أنَّه لم يسعَ إلا سعيًا واحدًا، كما ثبت في «الصَّحيح» (٣) عن ابن عمر: أنَّه قرنَ، وقدم مكَّة، فطاف بالبيت وبالصَّفا والمروة، ولم يزد على ذلك، ولم يحلِقْ ولا قصَّر، ولا حلَّ من شيءٍ حرم منه حتَّى كان يوم النَّحر، فنحر وحلق رأسه، ورأى أنَّه (٤) قد قضى طواف الحجِّ والعمرة بطوافه الأوَّل، وقال: هكذا فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ومراده بطوافه الأوَّل الذي قضى به حجَّه وعمرته: الطَّواف بين الصَّفا والمروة بلا ريبٍ.

وذكر الدَّارقطنيُّ (٥) عن عطاء ونافع، عن ابن عمر وجابر: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنَّما طاف لحجِّه وعمرته طوافًا واحدًا وسعيًا واحدًا، ثمَّ قدم مكَّة، فلم يسْعَ بينهما بعد الصَّدر. فهذا يدلُّ على أحد أمرينِ ولا بدَّ: إمَّا أن يكون قارنًا،


(١) أخرجه عبد الرزاق كما في «المحلى» (٧/ ١٧٤) و «فتح الباري» (٣/ ٤٩٥)، وقال الحافظ: وهذا إسناد صحيح. وبنحوه أخرجه ابن أبي شيبة (١٤٥٣٠).
(٢) في المطبوع: «نظروا» خلاف النسخ.
(٣) البخاري (١٦٤٠) ومسلم (١٢٣٠/ ١٨٢).
(٤) ك: «أن».
(٥) برقم (٢٦١٥) وإسناده ضعيف؛ لجهالة سليمان بن أبي داود الحراني.