للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«قد (١) حللتِ من حجِّك وعمرتك جميعًا».

وهذا يدلُّ على ثلاثة أمورٍ، أحدها: أنَّها كانت قارنةً، والثَّاني: أنَّ القارن يكفيه طوافٌ واحدٌ وسعيٌ واحدٌ. والثَّالث: أنَّه (٢) لا يجب عليها قضاء تلك العمرة الَّتي حاضت فيها ثمَّ أدخلت عليها الحجَّ، وأنَّها لم ترفُضْ إحرام العمرة بحيضها، وإنَّما رفضت أعمالها والاقتصار عليها. وعائشة لم تطف أوَّلًا طوافَ قدومٍ، بل لم تطفْ إلا بعد التَّعريف، وسَعَتْ مع ذلك، فإذا كان طواف الإفاضة والسَّعي بعده يكفي القارنَ، فلَأَن (٣) يكفيه طواف القدوم مع طواف الإفاضة وسعيٌ واحدٌ مع أحدهما بطريق الأولى، لكنَّ عائشة تعذَّر عليها الطَّواف الأوَّل، فصارت قِصَّتها حُجَّةً في أن المُراهِق الذي (٤) يتعذّر عليه الطَّواف الأوَّل يفعل كما فعلت عائشة، يُدخل الحجَّ على العمرة، ويصير قارنًا، ويكفيه لهما طواف الإفاضة والسَّعي عقيبه.

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة قدَّس الله روحه (٥): وممَّا يبيِّن أنَّه - صلى الله عليه وسلم - لم


(١) «قد» ليست في ج.
(٢) ك: «أنها».
(٣) ك: «أفلا».
(٤) في المطبوع: «فإن المرأة التي» والأفعال والضمائر الآتية بصيغة المؤنث، والصواب ما أثبتناه من النسخ. والمراهق: الشخص الذي يجيء مكة في آخر الوقت كأن يقدم يوم التروية أو يوم عرفة، فيضيق عليه الوقت، ويخاف أن يفوته الوقوف بعرفة إن اشتغل بالطواف للدخول. وقد ورد فيه أثر عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - في «الموطأ» (١٠٨٦). وانظر: «تهذيب اللغة» (٥/ ٣٩٩) و «النهاية» (٢/ ٢٨٤) و «تاج العروس» (رهق) و «الاستذكار» (١٢/ ١٩١، ١٩٢). وبهذا يظهر أن «المرأة» وما يتبعها في المطبوع تحريف.
(٥) «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ٧٥).