للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعمدة من قال بالطَّوافين والسَّعيين أثرٌ يرويه الكوفيُّون عن علي، وآخر عن ابن مسعودٍ. وقد روى جعفر بن محمَّدٍ عن أبيه، عن علي: أنَّ القارن يكفيه طوافٌ واحدٌ وسعيٌ واحدٌ، خلاف ما رواه أهل الكوفة (١)، وما رواه العراقيُّون: منه ما هو منقطعٌ، ومنه ما رجاله مجهولون أو مجروحون، ولهذا طعن علماء النَّقل في ذلك، حتَّى قال ابن حزمٍ (٢): كلُّ ما روي في ذلك عن الصَّحابة لا يصحُّ منه ولا كلمةٌ واحدةٌ. وقد نُقِل في ذلك عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ما هو موضوعٌ بلا ريبٍ. وقد حلف طاوسٌ: ما طاف أحدٌ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحجَّته (٣) وعمرته إلا طوافًا واحدًا (٤). وقد ثبت مثل هذا عن ابن عمر وابن عبَّاسٍ وجابر وغيرهم، وهم أعلم النَّاس بحجَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يخالفونها، بل هذه الآثار صريحةٌ في أنَّهم لم يطوفوا بالصَّفا والمروة إلا مرَّةً واحدةً.

وقد تنازع النَّاس في القارن والمتمتِّع هل عليهما سعيان أو سعيٌ واحدٌ؟ على ثلاثة أقوالٍ في مذهب أحمد وغيره:

أحدها (٥): ليس على واحدٍ منهما إلا سعيٌ واحدٌ، كما نصَّ عليه أحمد


(١) ذكره ابن حزم في «المحلى» (٧/ ١٧٤).
(٢) في «المحلى» (٧/ ١٧٦).
(٣) ص، ج: «لحجه».
(٤) ذكره ابن حزم في «المحلى» (٧/ ١٧٤)، وصححه ابن حجر في «الفتح» (٣/ ٦٢٥ - ٦٢٦).
(٥) «أحدها» ليست في ص.