للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «سنن الأثرم» (١) عن الأسود قال: قلت لعائشة: اعتمرتِ بعد الحجِّ؟ قالت: والله ما كانت عمرةً، ما كانت إلا زيارةً زرتُ البيت.

قال الإمام أحمد (٢): إنَّما (٣) أعمر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عائشةَ حين ألحَّت عليه، فقالت: يرجع النَّاس بنسكينِ وأرجع بنسكٍ؟ فقال: «يا عبد الرحمن، أَعمِرْها»، فنظر إلى أدنى الحلِّ، فأعمَرَها منه.

فصل

واختلف النَّاس فيما أحرمت به عائشة أوَّلًا على قولين:

أحدهما: أنَّه عمرةٌ مفردةٌ، وهذا هو الصَّواب لما ذكرنا من الأحاديث. وفي «الصَّحيح» عنها قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجَّة الوداع مُوافين لهلال ذي الحجَّة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أراد منكم أن يُهلَّ بعمرةٍ، فليهلَّ، فلولا أنِّي أهديتُ لأهللتُ بعمرةٍ». قالت: فكان من القوم مَن أهلَّ بعمرةٍ، ومنهم من أهلَّ بالحجِّ، قالت: فكنتُ أنا ممَّن أهلَّ بعمرةٍ. وذكرت الحديث (٤). وقوله في الحديث: «دعي العمرة وأهلِّي بالحجِّ»، قاله لها بسَرِف قريبًا من مكَّة، وهو صريحٌ في أنَّ إحرامها كان بعمرةٍ.

القول الثَّاني: أنَّها أحرمت أوَّلًا بالحجِّ وكانت مفردةً، قال ابن


(١) انظر: «المغني» لابن قدامة (٥/ ٣٧٠)، ولم أقف عليه.
(٢) انظر المرجع السابق.
(٣) «إنما» ليست في ك.
(٤) تقدم تخريجه قريبًا.