للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد البرِّ (١): روى القاسم بن محمَّدٍ والأسود بن يزيد وعَمْرة كلُّهم عن عائشة ما يدلُّ على أنَّها كانت محرمةً بحجٍّ لا بعمرةٍ، منها: حديث عمرة عنها: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا نرى إلا أنَّه الحجُّ، وحديث الأسود بن يزيد مثله، وحديث القاسم: لبَّينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحجِّ (٢). قال: وغلَّطوا عروة في قوله عنها: كنتُ فيمن أهلَّ بعمرةٍ. قال إسماعيل بن إسحاق: قد اجتمع هؤلاء ــ يعني الأسود والقاسم وعمرة ــ على الرِّوايات الَّتي ذكرنا، فعلمنا بذلك أنَّ الرِّوايات الَّتي رُوِيت عن عروة غلطٌ. قال: ويُشبه أن يكون الغلط إنَّما وقع فيه أن يكون لم يُمكِنْها الطَّوافُ بالبيت وأن تحلَّ بعمرةٍ، كما فعلَ من لم يسق الهدي، فأمرها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن تترك الطَّواف وتمضي على الحجِّ، فتوهَّموا بهذا المعنى أنَّها كانت معتمرةً، وأنَّها تركت عمرتها وابتدأت الحجِّ.

قال أبو عمر (٣): وقد روى جابر بن عبد اللَّه أنَّها كانت مهلَّةً بعمرةٍ، كما روى عنها عروة (٤). قالوا: والغلط الذي دخل على عروة إنَّما كان في قوله: «انقُضي رأسك وامتشطي، ودعي العمرة وأهلِّي بالحجِّ». وروى حمَّاد بن زيدٍ عن هشام بن عروة عن أبيه حدَّثني غير واحدٍ أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها: «دعي عمرتك، وانقضي رأسك وامتشطي، وافعلي ما يفعل الحاجُّ». فبيَّن حماد أنَّ عروة لم يسمع هذا الكلام من عائشة.


(١) في «التمهيد» (٨/ ٢١٧ - ٢٢٠).
(٢) حديث عمرة عند البخاري (١٧٠٩) ومسلم (١٢١١/ ١٢٥)، وحديث الأسود عند البخاري (١٥٦١) ومسلم (١٢١١/ ١٢٨)، وحديث القاسم عند مسلم (١٢١١/ ١٢١).
(٣) أي ابن عبد البر في «التمهيد» (٨/ ٢٢٤ - ٢٢٦).
(٤) تقدم تخريجها.