للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما آمرُكم به فافعلوه»، فردُّوا (١) عليه القول، فغضب ثمَّ انطلق حتَّى دخل على عائشة غضبانَ، فرأتِ الغضبَ في وجهه، فقالت: من أغضبكَ أغضبه اللَّه، قال: «وما لي لا أغضبُ وأنا آمرُ أمرًا فلا أُتَّبَع».

ونحن نُشهِد الله علينا أنَّا لو أحرمنا بحجٍّ لرأينا فرضًا علينا فسخَه إلى عمرةٍ، تفاديًا من غضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واتِّباعًا لأمره. فواللَّه ما نُسِخ هذا في حياته ولا بعده، ولا صحَّ حرفٌ واحدٌ يعارضه، ولا خصَّ به أصحابه دون من بعدهم، بل أجرى الله سبحانه على لسان سُراقة أن سأله: هل ذلك مختصٌّ بهم؟ فأجابه بأنَّ ذلك كائنٌ لأبد الأبد، فما ندري ما نقدِّم على هذه الأحاديث، وهذا الأمر المؤكَّد الذي قد غضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على من خالفه.

وللَّه درُّ (٢) الإمام أحمد إذ يقول لسلمة بن شَبِيْب، وقد قال له (٣): يا أبا عبد الله، كلُّ أمرك عندي حسنٌ إلا خلَّةً واحدةً، قال: وما هي؟ قال: تقول بفسخ الحجِّ إلى العمرة، فقال: يا سلمة! كنتُ أرى لك عقلًا، عندي في ذلك أحد عشر حديثًا صِحاحًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أتركُها لقولك؟! (٤)

وفي «السُّنن» (٥) عن البراء بن عازبٍ: أنَّ عليًّا لمَّا قدِم على رسول الله


(١) ق، ب، مب: «فرددوا»، والمثبت من بقية النسخ موافق لما في المصادر.
(٢) «در» ليست في ج.
(٣) «وقد قال له» ليست في ص، ج.
(٤) رواه ابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (١/ ١٦٨ - ١٦٩)
(٥) رواه أبو داود (١٧٩٧)، في إسناده عنعنة أبي إسحاق السبيعي، ولكن للحديث شواهد تقويه منها حديث جابر - رضي الله عنه -، انظر: «صحيح أبي داود - الأم» (٦/ ٥١).