للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- صلى الله عليه وسلم - من اليمن، أدرك فاطمة وقد لبستْ ثيابًا صَبِيغًا، ونضحَتِ البيت بنَضُوحٍ (١)، فقال: ما لك؟ قالت: فإنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه فحَلُّوا.

وقال ابن أبي شيبة (٢): ثنا ابن فُضيلٍ، عن يزيد، عن مجاهد قال: قال عبد الله بن الزبير: أفرِدوا الحجَّ ودَعُوا قولَ أعماكم هذا. فقال عبد الله بن عبَّاسٍ: إنَّ الذي أعمى الله قلبه لأنت، ألا تسأل أمَّك عن هذا؟ فأرسلَ إليها، فقالت: صدق ابن عبَّاسٍ، جئنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حُجَّاجًا، فجعلناها عمرةً، فحللنا الإحلالَ كلَّه، حتَّى سَطعت المجامرُ بين الرِّجال والنِّساء.

وفي «صحيح البخاريِّ» (٣) عن أبي شهابٍ (٤)، قال: دخلتُ على عطاء أستفتيه، فقال: حدَّثني جابر بن عبد اللَّه أنَّه حجَّ مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ ساق البُدْنَ معه، وقد أهلُّوا بالحجِّ مفردًا، فقال لهم: «أحِلُّوا من إحرامكم بطوافٍ بالبيت وبين الصَّفا والمروة، وقَصِّروا، ثمَّ أقيموا حلالًا، حتَّى إذا كان يوم التَّروية فأهِلُّوا بالحجِّ، واجعلوا الَّتي قدِمتم بها متعةً». فقالوا: كيف نجعلها متعةً وقد سمَّينا الحجَّ؟ فقال: «افعلوا ما أمرتُكم، فلولا أنِّي سقتُ الهدي لفعلتُ مثلَ الذي أمرتُكم، ولكن لا يحلُّ منِّي حرامٌ حتَّى يبلغ الهديُ محِلَّه»، ففعلوا.


(١) النضوح: نوع من الطيب تفوح رائحته.
(٢) رواه ابن حزم في «حجة الوداع» (ص ٣٣٤) من طريقه بهذا التمام. وهو في «المصنف» (١٦٠٣٤) و «المطالب العالية» (١١٨٤) دون جملة «ألا تسأل أمك عن هذا ... » إلخ، ورواه أحمد (٢٦٩١٧) بنحوه، وفي الإسناد يزيد بن أبي زياد متكلم فيه.
(٣) برقم (١٥٦٨).
(٤) في النسخ: «ابن شهاب»، والتصويب من «صحيح البخاري»، واسمه موسى بن نافع الأسدي. انظر: «تهذيب الكمال» (٢٩/ ١٥٨).