للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «صحيح البخاريِّ» (١) عن أنس قال: صلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن معه بالمدينة الظُّهر أربعًا، والعصرَ بذي الحُليفة ركعتين، ثمَّ بات بها حتَّى أصبح، ثمَّ ركب حتَّى استوت به راحلته على البيداء، حَمِد اللَّه وسبَّح ثمَّ أهلَّ بحجٍّ وعمرةٍ، وأهلَّ النَّاس بهما، فلمَّا قدِمنا أمر النَّاس فحلُّوا، حتَّى إذا كان يوم التَّروية أهلُّوا بالحجِّ ... وذكر باقي الحديث.

وفي «صحيحه» (٢) عن أبي موسى قال: بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قومي باليمن، فجئتُ وهو بالبطحاء، فقال: «بم أهللتَ؟»، قلتُ: كإهلال النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «هل معك من هديٍ؟» قلت: لا، فأمرني فطفتُ بالبيت وبالصَّفا والمروة، ثمَّ أمرني فأحللتُ.

وفي «صحيح مسلم» (٣): أنَّ رجلًا قال لابن عبَّاسٍ: ما هذه الفتيا الَّتي قد تَشغَّبتْ بالنَّاس، أنَّ من طاف بالبيت فقد حلَّ؟ فقال: سنَّة نبيِّكم - صلى الله عليه وسلم - وإن رَغِمْتم.

وصدق ابن عبَّاسٍ، كلُّ من طاف بالبيت ممَّن لا هديَ معه من مفرِدٍ أو قارنٍ أو متمتِّعٍ، فقد حلَّ إمَّا وجوبًا، وإمَّا حكمًا. هذه هي السُّنَّة الَّتي لا رادَّ لها ولا مدفعَ، وهذا كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أدبر النَّهارُ من هاهنا، وأقبل اللَّيلُ من هاهنا، فقد أفطر الصَّائم» (٤)، إمَّا أن يكون المعنى: أفطر حكمًا، أو دخل وقت


(١) برقم (١٥٥١).
(٢) برقم (١٥٥٩).
(٣) برقم (١٢٤٤/ ٢٠٦).
(٤) تقدم تخريجه.