للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فطرِه، وصار الوقت في حقِّه وقت إفطارٍ. فهكذا هذا الذي قد (١) طاف بالبيت، إمَّا أن يكون قد حلَّ حكمًا، وإمَّا أن يكون ذلك الوقت في حقِّه ليس وقتَ إحرامٍ، بل هو وقت حلٍّ ليس إلَّا، ما لم يكن معه هديٌ. وهذا صريح السُّنَّة.

وفي «صحيح مسلم» (٢) أيضًا عن عطاء قال: كان ابن عبَّاسٍ يقول: لا يطوف بالبيت حاجٌّ ولا غير حاجٍّ إلا حلَّ. وكان يقول بعد المعرَّف وقبله، وكان يأخذ ذلك من أمر النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حين أمرهم أن يحلُّوا في حجَّة الوداع.

وفي «صحيح مسلم» (٣) عن ابن عبَّاسٍ أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «هذه عمرةٌ استمتعنا بها، فمن لم يكن معه هديٌ فليحلَّ الحلَّ كلَّه، فقد دخلت العمرة في الحجِّ إلى يوم القيامة».

وقال عبد الرزاق (٤): ثنا معمر، عن قتادة، عن أبي الشعثاء، عن ابن عبَّاسٍ قال: من جاء مُهِلًّا بالحجِّ فإنَّ الطَّواف بالبيت يصيِّره إلى عمرةٍ، شاء أو أبى. قلت: إنَّ النَّاس ينكرون ذلك عليك، قال: هي سنَّة نبيِّهم (٥) وإن رَغِموا.

وقد روى هذا عن النِّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من سمَّينا وغيرهم؛ وروى ذلك عنهم طوائفُ من كبار التَّابعين، حتَّى صار منقولًا نقلًا يرفع الشَّكَّ ويوجب اليقينَ،


(١) «قد» ليست في ك.
(٢) برقم (١٢٤٥).
(٣) برقم (١٢٤١).
(٤) رواه ابن حزم في «حجة الوداع» (ص ٣٤٣) من طريقه.
(٥) ك: «نبيكم».