للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الحافظ أبو محمَّد بن حزمٍ (١): هذان حديثان منكرانِ جدًّا. قال: ولأبي الأسود في هذا النَّحو حديثٌ لا خفاءَ بنَكَرته ووَهَنِه وبطلانه، والعجب كيف جاز على من رواه؟ ثمَّ ساق من طريق البخاريِّ (٢) عنه أنَّ عبد الله مولى أسماء حدَّثه أنَّه كان يسمع أسماء بنت أبي بكر الصديق تقول كلَّما مرَّت بالحَجُون: صلَّى الله على رسوله، لقد نزلنا معه هاهنا ونحن يومئذٍ خِفافٌ، قليلٌ ظهرُنا، قليلةٌ أزوادنا، فاعتمرتُ أنا وأختي عائشة والزبير وفلانٌ وفلانٌ، فلمَّا مسحنا البيتَ أحللنا، ثمَّ أهللنا من العشيِّ بالحجِّ.

قال (٣): وهذه وَهْلةٌ لا خفاءَ بها على أحدٍ ممَّن له أقلُّ علمٍ بالحديث، لوجهين باطلين منه (٤) بلا شكٍّ:

أحدهما: قوله: «فاعتمرتُ أنا وأختي عائشة»، ولا خلافَ بين أحدٍ من أهل النَّقل في أنَّ عائشة لم تعتمر أوَّلَ دخولها مكَّة، ولذلك (٥) أعمرَها من التَّنعيم بعد تمام الحجِّ ليلةَ الحصبة، هكذا رواه جابر بن عبد اللَّه، ورواه عن عائشة الأثباتُ: كأبي الأسود (٦)، وابن أبي مُليكة، والقاسم بن محمَّدٍ،


(١) في «حجة الوداع» (ص ٣٤٨).
(٢) برقم (١٧٩٦).
(٣) أي ابن حزم في المصدر السابق (ص ٣٤٩).
(٤) كذا في النسخ. وفي المصدر السابق: «فيه».
(٥) ك: «وكذلك».
(٦) كذا في جميع النسخ, وهو خطأ, والصواب: «الأسود بن يزيد» كما في «حجة الوداع» (ص ٣٤٩). وروايته عن عائشة عند البخاري (١٥٦١، ١٧٦٢) ومسلم (١٢١١/ ١٢٨).