للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحاديث الثِّقات بمثل هذا الوهم ممَّا لا سبيلَ إليه.

قال أبو محمد (١): وأسلمُ الوجوه للحديثين المذكورين عن عائشة ــ يعني اللَّذين (٢) أنكرهما ــ أن تُخرَّج روايتهما على أنَّ المراد بقولها: إنَّ الذين أهلُّوا بحجٍّ أو بحجٍّ وعمرةٍ، لم يحلُّوا حتَّى كان يوم النَّحر حين قَضَوا مناسك الحجِّ، إنَّما عَنَتْ بذلك من كان معه الهدي، وبهذا تنتفي النُّكرة عن هذين الحديثين، وبهذا تتآلف (٣) الأحاديث كلُّها؛ لأنَّ الزُّهريَّ عن عروة يذكر خلاف ما ذكر أبو الأسود عن عروة، والزُّهريُّ بلا شكٍّ أحفظُ من أبي الأسود (٤)، وقد خالف يحيى بن عبد الرَّحمن عن عائشة في هذا الباب من لا يُقرَن (٥) يحيى بن عبد الرحمن إليه، لا في حفظٍ، ولا في ثقةٍ، ولا في جلالةٍ، ولا في بطانةٍ (٦) بعائشة: كالأسود بن يزيد، والقاسم بن محمَّد بن أبي بكرٍ، وأبي عمرو (٧) ذكوان مولى عائشة، وعَمْرة بنت عبد الرحمن، وكانت في حِجْر عائشة، وهؤلاء هم أهل الخصوصيَّة والبطانة بها، فكيف ولو لم يكونوا كذلك، لكانت روايتهم أو رواية واحدٍ منهم لو انفرد هي الواجب أن يُؤخذ بها؛ لأنَّ فيها زيادةً على رواية أبي الأسود ويحيى، وليس مَن جهِلَ أو غَفَل


(١) «حجة الوداع» (ص ٣٥٠).
(٢) ص، ج: «الذي».
(٣) ق، ب، مب: «تأتلف». والمثبت من بقية النسخ موافق لما في «حجة الوداع».
(٤) «عن عروة ... أبي الأسود» ساقطة من ص.
(٥) ك: «لا يقرب».
(٦) ك، ص، ج: «فطانة»، تحريف. والمثبت من ق، مب. وسيأتي. وهو الموافق لما في «حجة الوداع».
(٧) ك، ص، ج: «وابن عمرو»، خطأ.