للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُفِضْ (١) من عرفة حتَّى غَرَبتِ الشَّمس.

وهذه المخالفة إمَّا ركنٌ كقول مالك، وإمَّا واجبٌ يَجبُره دمٌ، كقول أحمد وأبي حنيفة والشَّافعيِّ في أحد القولين، وإمَّا سنَّةٌ كالقول الآخر له. والإفاضة من مزدلفة قبل طلوع الشَّمس سنَّةٌ باتِّفاق المسلمين.

وكذلك قريشٌ كانت لا تقف بعرفة، بل تُفِيض من جَمْعٍ، فخالفهم النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ووقف بعرفاتٍ، وأفاض منها، وفي ذلك نزل قوله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: ١٩٩]، وهذه المخالفة من أركان الحجِّ باتِّفاق المسلمين.

فالأمور الَّتي خالفَ (٢) فيها المشركين هي الواجب أو المستحبُّ، ليس فيها مكروهٌ، فكيف يكون فيها محرَّمٌ؟ فكيف يقال: إنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه بنسكٍ يخالف نُسكَ المشركين، مع كون الذي نهاهم عنه أفضل من الذي (٣) أمرهم به؟ أو يقال: من حجَّ كما حجَّ المشركون فلم يتمتَّع، فحجُّه أفضلُ من حجِّ السَّابقين الأوَّلين من المهاجرين والأنصار بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -؟

الخامس: أنَّه قد ثبت في «الصَّحيح» (٤) عنه أنَّه قال: «دخلتِ العمرةُ في


(١) في المطبوع: «فلم نُفِض»، وجعله متصلًا بما قبله ضمن الحديث المرفوع. وليس كذلك.
(٢) في المطبوع: «نخالف».
(٣) «الذي» ليست في ص.
(٤) في المطبوع: «الصحيحين»، خطأ. فالحديث لم يروِه البخاري.