للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّابع أنَّ الصَّحابة رضوان الله عليهم إذا لم يكتفوا في العلم (١) بجواز العمرة في أشهر الحجِّ على فعلهم لها معه ثلاثةَ أعوامٍ، ولا بإذنه لهم فيها عند الميقات حتَّى يأمرهم بفسخ الحجِّ إلى العمرة، فمَنْ بعدَهم أحرى أن لا يكتفي بذلك حتَّى يفسخ الحجَّ إلى العمرة، اتِّباعًا لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقتداءً بأصحابه (٢)، إلا أن يقول قائلٌ: إننا نحن نكتفي من ذلك بدون ما اكتفى به الصَّحابة، ولا نحتاج في الجواز إلى ما احتاجوا هم إليه. وهذا جهلٌ نعوذ بالله منه.

الثَّامن: أنَّه لا يُظَنُّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأمر أصحابه بالفسخ الذي هو حرامٌ، ليعلِّمهم بذلك مباحًا يمكن تعليمُه بغير ارتكاب هذا المحظور، وبأسهلَ منه بيانًا، وأوضحَ دلالةً، وأقلَّ كُلفةً.

فإن قيل: لم يكن الفسخ حين أمرهم به حرامًا.

قيل: فهو إذًا إمَّا واجبٌ أو (٣) مستحبٌّ. وقد قال بكلِّ واحدٍ منهما طائفةٌ، فمَن الذي حرَّمه بعد إيجابه أو استحبابه؟ وأيُّ نصٍّ أو إجماعٍ رفعَ هذا الوجوب أو الاستحباب؟ وهذه مطالبةٌ لا محيصَ عنها.

التَّاسع: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ لما سقتُ الهدي، ولجعلتُها عمرةً»، أفترى تجدَّد له - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك العلمُ بجواز العمرة في أشهر الحجِّ، حتَّى تأسَّف على فَوتها؟ هذا من أعظم المحال.


(١) في المطبوع: «بالعلم».
(٢) مب، ك: «بالصحابة».
(٣) ج: «وإما».