للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثَّاني: أن قوله: «إنَّ ذلك لأبد الأبد» إنَّما يريد به جواز الاعتمار في أشهر الحجِّ. وهذا الاعتراض أبطلُ من الذي قبله، فإنَّ السائل إنَّما سأل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فيه عن المتعة الَّتي هي فسخ الحجِّ، لا عن جواز العمرة في أشهر الحجِّ؛ لأنَّه إنَّما سأله بعقبِ (١) أمره مَن لا هديَ معه بفسخ الحجِّ، فقال له (٢) حينئذٍ: هذا لعامنا (٣) أم للأبد؟ فأجابه - صلى الله عليه وسلم - عن نفس ما سأله عنه، لا عمَّا لم يسأله عنه. وفي قوله: «دخلتِ العمرةُ في الحجِّ إلى يوم القيامة» عقيبَ أمره مَن لا هديَ معه بالإحلال بيانٌ جليٌّ (٤) أنَّ ذلك مستمرٌّ إلى يوم القيامة، فبطل دعوى الخصوص، وباللَّه التَّوفيق.

السَّادس: أنَّ هذه العلَّة (٥) الَّتي ذكرتموها ليست في الحديث، ولا فيه إشارةٌ إليها، فإن كانت باطلةً بطل اعتراضكم بها، وإن كانت صحيحةً فإنَّها لا تستلزم (٦) الاختصاص بالصَّحابة بوجهٍ من الوجوه، بل إن صحَّت اقتضتْ دوامَ معلولها واستمرارَه، كما أنَّ الرَّمل شُرع ليُرِي المشركين قوَّته وقوَّة أصحابه، واستمرَّت مشروعيته إلى يوم القيامة، فبطل الاحتجاج بتلك العلَّة على الاختصاص بهم على كلِّ تقديرٍ.


(١) كذا في النسخ. وفي المطبوع: «عقب».
(٢) بعدها في المطبوع: «سراقة»، وليست في النسخ.
(٣) ك: «ألعامنا».
(٤) ج، ص: «بيانًا جليًّا».
(٥) «العلة» ليست في ك.
(٦) كذا في النسخ. وفي المطبوع: «لا تلزم».